والمجموعة الثالثة من هذا القسم حول علاقتهم بالسحر واتباعهم ما تتلو الشياطين على ملك سليمان، بدلاً من اتباعهم وحي الله تعالى على أنبيائه، ثم كفرهم بذلك الاتباع، وما فيه من تعلم ما يفرقون به بين المرء وزوجه، وما في هذا الخبر من تيئيس للمؤمنين من إمكانية صلاحهم، وقد صاروا أولياء الشيطان ووكلاء الطاغوت( بابل، هاروت، ماروت)، وفي تمييزهم بين (ميكال) وجبريل عليهما السلام، تأكيد منهم على رفض رسالة محمد- ﷺ -، بدعاوى سخيفة، وإظهار لعنصريتهم من جهة أخرى.
والقسم الثاني الذي تخصص في آية الكرسي والآية التالية لها، يتناسب مع موضوع التوحيد الذي جاءت تعالجه قصة البقرة، ليظهر الارتباط الوثيق بين أعظم آية في كتاب الله تعالى، والقصة التي سُميت بها أطول سورة في القرآن الكريم.
والذي لا يؤوده حفظ السماوات والأرض لن يعجزه حفظ دينه ولا نصرة أوليائه، والذي لاتأخذه سنة ولا نوم، لن يضعف عن الحفظ، وليس بغافل عما يعمل الظالمون، والكفر بالطاغوت الذي قصدت إليه قصة البقرة، يجعل صاحبه مستمسكاً بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ما يشير إلى واقع أتباع محمد، وواقع الذين لم يكفروا بالطاغوت.
والقسم الثالث تحدث عن أركان الدين، وواجبات الخلفاء الجدد وما ينبغي أن يتجنبوه؛ فقد جاء حديث عن رمضان الذي فُرض فيه الصيام، وعن المروة التي هي من شعائر الله تعالى في الحج والعمرة، ثم تركيز طويل على موضوع النفقة، وضرورة الإخلاص فيها، وأسباب قبولها أو ردها، وأهمية استهداف النفقة أهل العفة الذين لا يسألون الناس إلحافاً، وفي نفس الوقت الحذر من الربا الذي يستدعي إعلان الحرب الإلهية على فاعليه، ويجعل آكليه ألعوبة بأيدي الشيطان، ولعل التركيز على النفقة لأن الأشخاص الرساليين ينبغي أن يكونوا من أهل العطاء، لا من الذين يؤثرون الدنيا على الآخرة.
المبحث الرابع
التناسب بين فواصل السورة وموضوعها