ذكر البقاعي أنه كما التقى آخر كل سورة مع أولها؛ فكذلك التقى آخر القرآن العظيم بأوله، بالنسبة إلى تسع سور من آخر المصحف إلى سورة قريش، مع السور التسع المناظرة لها من أول المصحف حتى سورة براءة، بحيث تتناظر سورة الناس مع الفاتحة، والفلق مع البقرة، والإخلاص مع آل عمران، والمسد مع النساء، والنصر مع المائدة، والكافرون مع الأنعام، والكوثر مع الأعراف، والماعون مع الأنفال، وقريش مع التوبة.
قريش والتوبة: وكان قد بدأ التنويه بهذه النظرية أو ذاك الاكتشاف، من سورة قريش والتي حاصلها – كما ذكر- المنّ على قريش بالإعانة على المتجر إيلافاً لهم بالرحلة فيه، والضرب في الأرض بسببه، واختصاصهم بالأمر بعبادة الذي منّ عليهم بالبيت الحرام وجلب لهم به الأرزاق والأمان، ومن أعظم مقاصد التوبة – المناظرة لهذه بكونها التاسعة من الأول – البراءة من كل مارق، وأنّ فعل ذلك يكون سبباً للألفة بعدما ظُن أنه سبب الفرقة، وذكر مناقب البيت ومن يصلح لخدمته، والفوز بأمانه ونعمته، والبشارة بالغنى على وجه أعظم من تحصيله بالمتجر، وأبهى وأبهر، وأوفى وأوفر، وأزهى وأزهر، وأجل وأفخر، بقوله تعالى: ژ ؟ ؟ ؟ ژ ژ ڑ ڑ ک کک ژ [ التوبة: ١٧]، وقوله تعالى: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [ التوبة: ٢٨]، فعلم بهذا علماً جلياً أنه شرع سبحانه في رد المقطع على المطلع من سورة قريش الذين أكرمهم الله بإنزال القرآن بلسانهم، وأرسل به الرسل إليهم، كما أكرمهم ببناء البيت في شأنهم، وتعظيمه لغناهم وأمانهم(١).