الفلق والبقرة: وأما التناسب بين سورتي البقرة والفلق- الثانية من الأول ونظيرتها من آخر المصحف، فيقول البقاعي في ختام تفسير سورة الفلق :" وحاصل هذه السورة العظمى، في معناها الأبدع الأسمى - الاستعاذة بالله بذكر اسمه (الرب) المقتضي للإحسان والتربية، بجلب النعم ودفع النقم، من شر ما خلق، ومن شر السحر والحسد؛ كما كان أكثر البقرة، المناظرة لها في رد المقطع على المطلع؛ لكونها ثانية من الأول كما أن هذه ثانية من الآخر، في ذكر أعداء النبي - ﷺ - الحاسدين له على ما أوتي من النعم، وفي تذكيرهم بما منحهم من النعم التي كفروها. وأكثر ذلك في بني إسرائيل الذين كانوا أشد الناس حسداً له - ﷺ -، وكان من أعظم ما ضلوا به السحر المشار إليه بقوله تعالى: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ پ پپ ژ [البقرة: ١٠٢]، حتى قال: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ چ چ چ چ؟ ژ، إلى أن قال: ژ ک ک ک ک گ گ گ گ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [لبقرة: ١٠٩]، وكان السحر من أعظم ما أثر في النبي- ﷺ -، من كيدهم، حتى أُنزل فيه المعوذتان، وكان الساحر له منهم "(١).
ويؤكد صاحب الظلال حسد بني إسرائيل بقوله:" ثم إنهم حسدوا النبي - ﷺ - حسداً شديداً، حسدوه مرتين: مرة لأن الله اختاره وأنزل عليه الكتاب- وهم لم يكونوا يشكون في صحته- وحسدوه لما لقيه من نجاح سريع شامل في محيط المدينة"(٢)، وفي السياق ذاته لا ننسى حسد إبليس لآدم وذريته، لما أكرم الله تعالى به آدم من المنزلة، وشرفه بالخلافة.
(٢) …قطب، في ظلال القرآن، ( ١/٣٢).