ستّ سور في القرآن الكريم بُدئت ب(ألم)، وهي البقرة، وآل عمران، والعنكبوت، والروم، ولقمان، والسجدة. وحيث إن لها جميعاً ذات الفاتحة فإن ذلك يعني وجود التناسب فيما بينها بشكل أو بآخر، وقد ذُكر في مبحث سابق أوجه التناسب بين البقرة وآل عمران، وفي هذا المبحث شيء من المناسبة بين البقرة والسور الأربع الباقية.
وقد حاول غير واحد من العلماء القدامى والمعاصرين أن يقف على أسرار الافتتاح بالحروف المقطعة ذاتها، ومنهم ابن القيم وسعيد حوى، والذي ذكروه مقاربات وتحويمات حاولت أن تربط بين السور، دون أن تأتي بالجواب الحاسم، وما في هذا المبحث يستحضر ما أورده الفضلاء، ويسعى إلى محاولة جديدة للتحويم والمقاربة.
المطلب الأول: مقاربة الإمام ابن القيم في بدائع الفوائد
الهمزة هي أول مخارج الحلق مما يلي الصدر، واللام من وسط مخارج الحروف وهي أشد اعتماداً على اللسان، والميم هي آخر الحروف ومخرجها من الشفتين، وجاء ترتيب الحروف مطلع السورة من البداية إلى الوسط إلى النهاية، وكل سورة افتتحت بهذه الأحرف الثلاثة – كما يقول ابن القيم - فهي مشتملة على بدء الخلق ونهايته وتوسطه؛ فمشتملة على تخليق العالم وغايته، وعلى التوسط بين البداية والنهاية من التشريع والأوامر، وقد مثّل لذلك بسورة البقرة وآل عمران والسجدة والروم(١) ولم يذكر سورتي العنكبوت ولقمان اللتين لهما نفس الفاصلة، ولا الأعراف أو الرعد اللتين لهما الفاتحة ذاتها مع زيادة حرف آخر كل منهما ( المص، المر).