الدليل الخامس قال: ( وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ كَلَامٍ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ فَهْمُ مَعَانِيهِ دُونَ مُجَرَّدِ أَلْفَاظِهِ فَالْقُرْآنُ أَوْلَى بِذَلِكَ ) قال: القرآن كلام الله، فإذا كان كل كلام المقصود منه : فهم معانيه ؛ فكلام الله أولى الكلام بأن تفهم معانيه، فإذا قرأ الرسول - ﷺ - على الصحابة كلام الله، فلا بد أن يكونوا قد فهموا معانيه، إما بحسب لغة العرب التي عرفوها، ويكون إقرار الرسول - ﷺ - لفهمهم سنة تقريرية، وإما أن يكون عن طريق البيان المباشر، وإما عن طريق التطبيق العملي في واقع الحياة الإسلامية، أو من خلال التخلق به، وفي هذه الأحوال جميعها يكون الرسول بين لهم القرآن إما بالقول أو بالفعل أو بالتقرير، فصح أن الرسول بين للصحابة جميع القرآن!
الدليل السادس : يقول :(َالْعَادَةُ تَمْنَعُ أَنْ يَقْرَأَ قَوْمٌ كِتَابًا فِي فَنٍّ مِنْ الْعِلْمِ كَالطِّبِّ وَالْحِسَابِ وَلَا يستشرحوه) أي: لا يطلبون شرحه، يقول : العادة تمنع أن يقرأ على شخص كتاباً في فن من الفنون لا يطلبون شرحه وبيانه!
إذا كان الصحابة قرأوا القرآن على رسول الله - ﷺ -، فبحسب ما جرت به العادة لا بد أن يكونوا قد سألوه عما غاب عن أفهامهم، ففهمهم إياه رسول الله - ﷺ -، فيتحصل أنهم فهموا جميع القرآن منه - ﷺ -.
السابع : قلة اختلاف الصحابة في القرآن.
وهنا يقول رحمه الله :
وَلِهَذَا كَانَ النِّزَاعُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ قَلِيلًا جِدًّا وَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِي التَّابِعِينَ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي الصَّحَابَةِ فَهُوَ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ بَعْدَهُمْ وَكُلَّمَا كَانَ الْعَصْرُ أَشْرَفَ كَانَ الِاجْتِمَاعُ والائتلاف وَالْعِلْمُ وَالْبَيَانُ فِيهِ أكثر


الصفحة التالية
Icon