أذكر مثالاً ذكره شرَّاح المقدمة – وبهذه المناسبة أُفصح عن أنّ أكثر شرح أستقي منه لهذا البرنامج شرح الشيخ محمد عمر بازمول، وشرح العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله رحمة واسعة- المثال : لو أن رجلاً رأى مع امرأته شخصاً ظنه أجنبياً، فبان محرماً فإنها لا تطلق؛ لأنه كأنه قال: أنت طالق لأنك صاحبتي رجلاً أجنبياً.
وكذلك أيضاً الحالف لو قال: والله لا أزور فلاناً، لأنه قيل له إن الرجل فاسق، ثم تبين له أنه ليس بفاسق، فإنه لا بأس أن يزوره ولا كفارة عليه؛ لأن السبب كالمشروط، فكأنه قال: والله لا أزوره لأنه فاسق. وهذه قاعدة مهمة في باب الأيمان وفي باب الطلاق، لكن لو قال الحالف أنا نويت والله لا أزور فلاناً مطلقاً، لا أزوره لشخصه، سواء كان فاسقاً أم عدلاً، فإذا زاره حنث لأننا هنا علمنا مراده. والقاعدة في ذلك: أن كل لفظٍ بني على سبب فتبين انتفاء ذلك السبب فإنه لا حكم له.
... والمسبَّب هو الآية النازلة أو الحديث الوارد، فمثلاً: سبب نزول آية اللعان قذف هلال بن أُمَيَّة زوجته بشَريك ابن سَحْمَاء فهذا هو السبب، والمسبب الذي حصل من أجل هذا السبب هو نزول الآية. فورود الحديث ونزول الآية هذا هو المسبَّب. فالآية أو الحديث قد يكون معناها خفياً إلا إذا عرفت سبب النزول. والأولى للمفسر أن يبدأ ببيان سبب النزول قبل بيان مناسبة الآية. وفي المسألة خلاف، وهذا هو الصحيح إن شاء الله.
ومن الكتب في بيان أسباب النزول (أسباب النزول) للواحدي، و(لباب النقول في معرفة أسباب النزول) للسيوطي، و(العجاب في بيان الأسباب) لابن حجر، وفي الحديث هناك كتاب أسباب ورود الحديث، للسيوطي –رحمة الله عليهم جميعاً-. قال رحمه الله:


الصفحة التالية
Icon