أما في ألفاظ التضاد –وهي من أقسام المشترك اللفظي- فلا بد من تعيين أحد المعنيين؛ لأن الضدين لا يجتمعان. فلا يمكن أن نقول : إن المراد بقوله :﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ ﴾ أطهار وحِيَض ! هذا لا يمكن.
النوع الرابع من أنواع الألفاظ : الألفاظ المتواطئة، والمواطأة الموافقة، والمراد بها : أن يواطئ اللفظ المعنى، لكن لهذا المعنى أفراد كثيرة. إذاً اللفظ الذي يصدق معناه على أفراد كثيرة يسمى متواطئ لفظي. مثلاً: (إنسان) له معنى معين، ويصدق على أفراد كثر: على عمرو وبكر وزيد. مثال آخر (مدينة) يصدق على الخرطوم، وبحري، وأمدرمان. فهذه الألفاظ لا تكون متواطئة إلا إذا صدقت على كل فرد على سبيل التساوي. مثلاً لو قلت لك (مدينة). ثم قلت لك: أيَّ المدن قصدت: الخرطوم أم بحري؟ فلن تعرف قصدي، لأن هذا الكلمة كما تصدق على الخرطوم، تصدق على غيرها على سبيل التساوي.
لكن أحياناً نجد كلمة تصدق على كثير من أفرادها لكن لا على سبيل التساوي.
مثلاً : كلمة شجاع. أقول (عنترة شجاع)، و(زيد شجاع) ولكنَّ الشجاعة في عنترة أظهر. إذاً كلمة شجاع ليس من قبيل المتواطئ اللفظي، وإنما هي من قبيل المُشّكَّك اللفظي.
وهذا هو النوع الخامس : المشكك اللفظي. مثال آخر كلمة (مؤمن)، تصدق على أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وعلى غيره. ولكنها في أبي بكر أظهر؛ لأن إيمانه يزن إيمان الأمة كلِّها كما صحّ عن رسول الله - ﷺ -.
هذه هي أقسام الألفاظ، ومن الكتب التي تفيد في هذا الباب كتاب (فقه اللغة) للثعالبي.
فما الذي أراد أ يقرره شيخ الإسلام رحمه الله ؟ الجواب : أراد أن يقرر ما يلي :
أولاً : من أسباب التنازع بين المفسرين أن تكون الكلمة من قبيل المشترك اللفظي، كلفظ قسورة، التي تطلق على الرامي، وتطلق على الأسد.


الصفحة التالية
Icon