وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ التَّرْدِيدِ : يخلق : يبلى. مهما أكثر المؤمن من قراءته فلا يمكن أن يملَّ، بخلاف ما لو قرأ معلقة لأفصح الناس بياناً وأحسنِهم عبارةً فلن تُطيق نفسه أن يكررها. أما القرآن نعيده تلاوةً ونعيده في الصلوات ولا يمكن أن يسأم المؤمن من تكراره.
وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ: المعاني التي يدل عليها، أما التوسع في هذا الباب وتحميل القرآن الكريم ما لا يحتمله وإخضاعه للنظريات العلمية التي هي محل الأخذ والرد والمناقشة، فهذا ليس بذاك، وسيأتي الكلام عن هذا إن شاء الله تعالى بالأدلة الواضحة في بحث مستقل.
ولهذا فالقرآن َلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ. لكثرة المعاني التي تتوارد إلى أذهانهم كلما أمعنوا النظر فيه.
مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ : لأن من تكلم به من قال :﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا ﴾، وقال :﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً ﴾.
وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ: يعني أُثيب على عمله.
وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ: ولا يُفهم أنّ الحكم به بالخيار، فمن شاء حكم به، وإلا فلا، فإن القرآن شاهد بكفر من لم يحكم به. وإذا كان الحكم بالقرآن عدلاً، فإنّ الحكم ببغيره من القوانين الوضعية ظلم.. ظلم للحاكم الذي أهلك نفسه بذلك، وظلم للمحكوم، إذ : فما ذا بعد الحق إلا الضلال، وماذا بعد العدل إلا الظلم والجور.
وَمَنْ دَعَا إلَيْهِ هُدِيَ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ : من دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم، وهُدي إلى صراط مستقيم؛ لأنه الصراط المستقيم، فمن دعا إلى الصراط المستقيم كان على الصراط المستقيم، ولذا الواجب على الدعاة أن تكون دعوتهم إلى القرآن، لا إلى حزبهم، ولا إلى أنفسهم، ولا إلى جماعتهم.
وَمَنْ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ : لقول الله تعالى :﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ ﴾.


الصفحة التالية
Icon