لنأخذ مثالاً، وبالمثال يتضح المقال : قال تعالى :﴿ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِه ﴾. قال بعضهم: المعنى: بسؤال نعجتك مع نعاجه. فأبقى العامل وجعل الحروف ينوب بعضها عن بعض. وهذا يقول عنه شيخ الإسلام: خطأ. والصحيح أن يُضمن الفعل معنى فعل آخر يناسب الحرف. فنقول : إنّ معنى الآية : لقد ظلمك بضمِّ نعجتك إلى نعاجه.
مثال آخر : قال تعالى :﴿ عيناً يشرب بها عباد الله ﴾.. لا نقول يشرب منها، وإنما نقول : يروى بها، فنضمن الفعل معنى فعل آخر ونعديه تعديته.
قال ابن هشام في مغني اللبيب:" باب في التحذير من أمور اشتهرت بين المعربين والصوابُ خلافها، وهي كثيرة، والذي يحضرني الآن منها عشرون موضعاً "... الثالث عشر: قولهم ينوب بعضُ حروف الجر عن بعض. وهذا أيضاً مما يتداولونه ويستدلون به، وتصحيحه بإدخال قد على قولهم ينوب، وحينئذ فيتعذر استدلالهم به، إذ كل موضع ادعوا فيه ذلك يقال لهم فيه: لا نسلم أن هذا مما وقعت فيه النيابة، ولو صح قولهم لجاز أن يقال: مررت في زيد، ودخلت من عمرو، وكتبت إلى القلم، على أن البصريين ومَنْ تابعهم يرون في الأماكن التي ادعيت فيها النيابة أن الحرف باقٍ على معناه، وأن العامل ضمن معنى عامل يتعدى بذلك الحرف، لأنّ التجوّز في الفعل أسهل منه في الحرف".
وقال صفحة سبعٍ وتسعين وثمانمائة :"القاعدة الثالثة: قد يُشرِّبون لفظاً معنى لفظ فيعطونه حكمه، ويُسمى ذلك تضميناً، وفائدته أن تؤديَ كلمةٌ مُؤدَّى كلمتين".