وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ﴾ وَقَالَ :﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ وَقَالَ :﴿ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ ﴾ وَتَدَبُّرُ الْكَلَامِ بِدُونِ فَهْمِ مَعَانِيهِ لَا يُمْكِنُ. وَكَذَلِكَ قَالَ تَعَالَى :﴿ إنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ وَعَقْلُ الْكَلَامِ مُتَضَمِّنٌ لِفَهْمِهِ. بين رحمه الله هنا أنّ الصحابة كانوا يبقون أمداً طويلاً في الحفظ لأن الله أمر بالتدبر.. ومعلوم أنّ التدبر لا يمكن أن يحصل إلا بفهم المعاني، وفهم معاني القرآن هو التفسير، فتنتج من هذه المقدمات أنّ التفسير مأمور به.
ثم قال : وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ كَلَامٍ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ فَهْمُ مَعَانِيهِ دُونَ مُجَرَّدِ أَلْفَاظِهِ فَالْقُرْآنُ أَوْلَى بِذَلِكَ وَأَيْضًا فَالْعَادَةُ تَمْنَعُ أَنْ يَقْرَأَ قَوْمٌ كِتَابًا فِي فَنٍّ مِنْ الْعِلْمِ كَالطِّبِّ وَالْحِسَابِ وَلَا يستشرحوه فَكَيْفَ بِكَلَامِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ عِصْمَتُهُمْ وَبِهِ نَجَاتُهُمْ وَسَعَادَتُهُمْ وَقِيَامُ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ ؟
فهو بلا شك أولى بالتفسير والاهتمام. أكتفي بهذا القدر، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وإلى لقاء قادم إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحلقة (٣)
الحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، الإخوة الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا هو اللقاء الثالث، في شرح مقدمة أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.


الصفحة التالية
Icon