- على حد قول الأستاذ نعيم الحمصي (١)، أوالإمام مصطفى صادق الرافعي (٢) - بل هو في نظره رأي مستقيم، ونظرية سليمة (٣)، لأن علة العجز في نظره - أي الجاحظ - كائنة في نظام الكلام، ومخرجه من لفظه وطابعه، وأن العرب قد تبين لهم ذلك واستيقنوه، وأنهم عجزوا عجز من يعرف علة عجزه، وليس عجز المتحير المصروف. (٤)
والصرفة عند الرماني( أبو الحسن بن عيسى بن علي بن عبد الله ت ٣٨٤هـ ) :- تشبه الصرفة عند الجاحظ، فهي لا تقدح في بلاغة القرآن، وحسن تأليفه، فقد ذكر الرماني أن القرآن في أعلى مراتب البيان، ولا يدانيه شيء من كلام فصحاء العرب، وبلاغييهم،
فهو مقتنع بإعجاز البلاغة القرآنية، التي لولاها لجاءوا بمثله.
يقول الرماني :- (وأما الصرفة : فهي صرف الهمم عن المعارضة، وعلى ذلك كان يعتمد بعض أهل العلم، في أن القرآن معجز من جهة صرف الهمم عن المعارضة، وذلك خارج عن العادة، كخروج سائر المعجزات التي دلت على النبوة، وهذا عندنا أحد وجوه الإعجاز، التي يظهر منها للعقول.) (٥)
٣- وأما المفهوم الثالث للصرفة عند المعتزلة، فهو : مفهوم القاضي عبد الجبار
(قاضي القضاة أبوالحسن عبد الجبار بن أحمد بن الخليل بن عبد الله الهمداني ت٤١٥هـ ) وقد خالف فيه جميع من تقدموه ممن تحدثوا عنها، ولم يرض عن تفسيراتهم، فقد أبعد مفهوم الجبرية، الذي ساد في حديث – النظام – والجاحظ- والرماني – عنها، لأنها كانت عندهم جميعا، شيئا خارجا عن إرادة القوم، مجبورين عليها جبرا (٦).
(٢) - مصطفى صادق الرافعي : إعجاز القرأن، ص ١٦٤-١٦٥.
(٣) - د. أحمد أبو زيد : المنحى الإعتزالي في البيان وإعجاز القرآن، ص ٢٦٩.
(٤) - د. محمد محمد أبو موسى: الإعجاز البلاغي، ص ٣٦٠.
(٥) – الرماني : النكت في إعجاز القرآن، ص ١١٠.
(٦) - د. وليد قصاب : التراث النقدي والبلاغي للمعتزلة ص/ ٣٢٠.