فالرازي ( محمد بن عمر بن الحسين بن علي الملقب بفخر الدين ت٦٠٦هـ ) يقول بها مرة في السور القصار، منعا من المكابرة، والتهمة في الدين، ويطلق القول بها ثانية على عمومه بلا تحديد، ففي تفسيره ( لآية التحدي ) في سورة البقرة، يقول :- ( الطريق الثاني، أن نقول : القرآن لا يخلو إما أن يقال : إنه كان بالغا في الفصاحة إلى حد الإعجاز، أو لم يكن كذلك، فإن كان الأول : ثبت أنه معجز، وإن كان الثاني : كانت المعارضة على هذا التقدير ممكنة، فعدم إتيانهم بالمعارضة، مع كون المعارضة ممكنة، ومع توفر دواعيهم على الإتيان بها، أمر خارق للعادة، فكان ذلك معجزا، فثبت أن القرآن معجز على جميع الوجوه، وهذا الطريق عندنا أقرب إلى الصواب )، فههنا أطلق القول، ولم يحدد ذلك بسورة معينة، ثم يقول بعد ذلك :- ( فإن قيل : قوله (فأتوا بسورة من مثله ) يتناول سورة الكوثر، وسورة العصر، وسورة ( قل يا أيها الكافرون)، ونحن نعلم بالضرورة أن الإتيان بمثله، أو بما يقرب منه ممكن، فإن قلتم : إن الإتيان بأمثال هذه السور خارج عن مقدور البشر، كان ذلك مكابرة، والإقدام على هذه المكابرات مما يطرق التهمة إلى الدين، قلنا : فلهذا السبب اخترنا الطريق الثاني، وقلنا : إن بلغت هذه السورة في الفصاحة إلى حد الإعجاز، فقد حصل المقصود، وإن لم يكن الأمر كذلك، كان امتناعهم عن المعارضة - مع شدة دواعيهم إلى توهين أمره -معجزا، فعلى هذين التقديرين يحصل المعجز.) (١).

(١) -– الرازي : مفاتيح الغيب، ج١/ ص ١١٦-١١٧، ومحسن عبد الحميد: الرازي مفسرا، ص ٢٣٣-٢٣٤.


الصفحة التالية
Icon