فإن قيل : لعل العرب اشتغلت بالمحاربة والقتال فلم تعرج على معارضة القرآن، ولو قصدت لقدرت عليه، أو منعتها العوائق عن الاشتغال به، والجواب :- إن ما ذكروه هوس، فإن دفع تحدي المتحدي بنظم كلام أهون من الدفع بالسيف، مهما جرى على العرب من المسلمين بالأسر والقتل والسبي، وشن الغارات، ثم ما ذكروه غير دافع غرضنا، فإن انصرافهم عن المعارضة لم يكن إلا بصرف من الله تعالى، والصرف عن المقدور المعتاد من أعظم المعجزات.) (١)
وهنا أقول مع شيخ مشايخنا، محمد عبد العظيم الزرقاني :- ( إني لأعجب من القول بالصرفة في ذاته، ثم ليشتد عجبي وأسفي، حين ينسب إلى نفر من علماء المسلمين، الذين نرجوهم للدفاع عن القرآن، ونربأ بأمثالهم أن يثيروا هذه الشبهات في إعجاز القرآن. على أن الحق لا يعرف بالرجال، إنما يعرف الحق بسلامة الاستدلال، وها قد طاش هذا الرأي في الميزان - كما سنبين -، فلنرده على قائله أيا كان.
وليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلاف له حظ من النظر ) (٢)
المبحث الخامس
القائلون بالصرفة من الشيعة الإمامية الاثنى عشرية
قال بها الشيخ المفيد في كتابه أوائل المقالات، وإن حكي عنه غيره، وقال بها الشريف المرتضى في رسالة خاصة له، تحت عنوان :( الموضح عن جهة إعجاز القرآن )، والشيخ الطوسي : في شرحه لجمل ( الشريف المرتضى )، وإن رجع عنه في كتابه ( الاقتصاد )، وقال بها كذلك ابن سنان الخفاجي.
(٢) - محمد عبد العظيم الزرقاني : مناهل العرفان في علوم القرآن، ج٢/ ص ٣١٥. بتصرف يسير.