لو قال : أنا أقوم وأنتم لا تقدرون عليه، وكان كذلك، لم يكن قيامه معجزا، بل عجزهم عن القيام)، فهذه المقالة خارقة لإجماع المسلمين السابقين على أن القرآن معجزة لرسول الله دالة على صدقه.
(الثاني ): إنهم (لو سلبوا القدرة) -كما قال به الشريف المرتضى - لعلموا ذلك من أنفسهم، و(لتناطقوا به عادة ولتواتر) عنهم( ذلك) التناطق، لجريان العادة بالتحدث بخوارق العادات، لكنه لم يتواتر قطعا، (فإن قيل : إنما لم يتذاكروه) ولم يظهروه (لئلا يصير حجة عليهم )، ملجئة لهم إلى الإنقياد مع أنهم كانوا حراصا على إبطال حجته، وانتكاس دعوته، فلا يتصور منهم حينئذ إظهار ما علموه من أنفسهم، ( قلنا : إن كان ذلك)، أي سلب القدرة عنهم (موجبا لتصديقه) إيجابا قطعيا، (امتنع عادة تواطؤ الخلق الكثير على مكابرته)، والإعراض بالكلية عن مقتضاه، (وإن لم يكن موجبا لتصديقه بل احتمل السحر وغيره) كفعل الجن (مثلا لتناطقوا به، وحملوه عليه)، وقالوا : قد سلب عنا قدرتنا، إما بالسحر، وإما بغيره، فلا يلزمهم بإظهاره صيرورته حجة عليهم.
(الثالث ): إنه لا يتصور الإعجاز بالصرفة، وذلك لأنهم (كانوا) حينئذ (يعارضونه بما اعتيد منهم) من مثل القرآن الصادر عنهم (قبل التحدي به)، بل قبل نزوله، (فإنهم لم يتحدوا بإنشاء مثله بل بالإتيان به ) فلهم بعد الصرفة الواقعة بعد التحدي، أن يعارضوا القرآن بكلام مثله صادر عنهم قبل الصرفة] (١)

(١) - شرح المواقف :( مرجع سابق ) ج٨/ ص ٢٤٩.(ما بين القوسين من كلام الإيجي، وما عداه فهو للشريف الجرجاني )


الصفحة التالية
Icon