فهذا وأمثاله يحتمله الرسم القرآني بدون إشكال، ولابد هنا من التنويه أن المقصود بالرسم هنا الوثيقة التي كتبت في عهد عثمان وكانت بلا نقط ولا شكل.
وأما مالا يحتمله الرسم القرآني بحسب الظاهر فنمثل له بما يلي:
١ - قرأ الجمهور: ﴿وسارعوا إلى مغفرة﴾ آل عمران ١٣٢
قرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر: ﴿سارعوا﴾ بغير واو(٤٣١)
٢ - قرأ الجمهور: ﴿جنات تجري تحتها الأنهار﴾ التوبة ١٠٠
وقرأ ابن كثير: ﴿جنات تجري من تحتها الأنهار﴾ بزيادة من(٤٣٢)
٣ - قرأ الجمهور: ﴿فإن الله هو الغني الحميد﴾
وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر: بدون "هو"(٤٣٣)
فذلك كله يبدو بحسب الظاهر غير محتمل للرسم القرآني، ويدفع إلى القول بأنه لم يستكمل شروط القراءة المتواترة، فكيف إذن تمّ إدارجه فيها؟
وهذا الإشكال الموهم يتبدد تماماً حينما نلاحظ أن عثمان حين كتب المصاحف الستة التي فرقها في الأمصار كان يلحظ اختلاف القراءات التي أذن بها النبي - ﷺ - فما كان منها يحتمله الرسم كتغيير النقط، وتغيير الشكل، وتحقيق الهمز أو تسهيله، وإثبات المدات وقصرها، فذلك كله لا إشكال فيه لأن المصحف كتب أصلاً بغير نقط ولا شكل ولا همز.
وأما ما كان من الباب الثاني فقد لحظه عثمان رضي الله عنه من خلال إثباته في أحد المصاحف الستة، وهذا هو السبب في التفاوت اليسير بين مصاحف الأمصار، والذي سلم عامة القراء بوجوده، وقاموا بعزو كل وجه إلى مصحف من مصاحف الأمصار.
وهكذا فإن بين المصاحف الستة التي نسخها عثمان تفاوت يسير في بعض الحروف.
وقبل أن نأتي باستقراء جامع مانع لسائر هذه المواضع فإن من الواجب أن نزيد أمر هذا الاختلاف تجلية وبياناً، فهو مع أنها اختلاف يسير جداً، ولكن تصور أنه خطأ أو سهو مسألة خطيرة في تحقيق عصمة النص القرآني العظيم.