(إن هذا الاختلاف بين تلك المصاحف إنما هو اختلاف قراءات في لغة واحدة، لا اختلاف لغات، قصد بإثباته إنفاذ ما وقع الإجماع عليه إلى أقطار بلاد المسلمين واشتهاره بينهم. وإنما كتبت هذه في بعض بصورة، وفي آخر بأخرى، لأنها لو كررت في كل مصحف لتوهم نزولها كذلك، ولو كتبت بصورة في الأصل، وبأخرى في الحاشية لكان تحكماً مع إبهام التصحيح، ومثل هذا بعد أمر عثمان رضي الله عنه بنسخ المصحف وبعثه إلى كل جهة ما أجمع الصحابة على الأخذ به لا يؤدي إلى تنازع أو فتنة، لأن أهل كل جهد قد استندوا إلى أصل مجمع عليه وإمام يرشدهم إلى كيفية قراءاته.
والحاصل أن المصاحف العثمانية كتبت لتَسَعَ من القراءات ما يرسم بصور مختلفة إثباتا وحذفا وإبدالا، فكتبت في بعضها برواية، وفي بعضها برواية أخرى تقليلا للاختلافات من الجهة الواحدة بقدر الإمكان، فكما اقتصر على لغة واحدة في جميع المصاحف، اقتصر على رسم رواية واحدة في كل مصحف، والمدار في القراءة على عدم الخروج عن رسم تلك المصاحف ولذلك لا يحظر على أهل أي جهة أن يقرءوا بما يقتضيه رسم الجهة الأخرى(٤٣٥).
------------
(٤٢٧) سراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي لابن القاصح ص ١٤٨
(٤٢٨) تقريب النشر لابن الجزري ص ١٣٣
(٤٢٩) المصدر نفسه ص ١٠٢
(٤٣٠) المصدر نفسه ص ٧
(٤٣١) المصدر نفسه ص ١٠٢
(٤٣٢) المصدر نفسه ص ١٢١
(٤٣٣) المصدر نفسه ص ١٧٩
(٤٣٤) المقنع في معرفة مرسوم مصاحف الأمصار لأبي عمرو الداني ط دار الفكر ص ١١٥
(٤٣٥) عنوان البيان في علوم التبيان لمحمد حسنين مخلوف ص ٣٨.
المبحث الثالث: حصر تفاوت مصاحف الأمصار
ولنأخذ الآن في إحصاء ما ورد من خلاف في الرسم بين المصاحف العثمانية على سبيل الإحاطة المستوعبة(٤٣٦):
سائر الاختلاف في الرسم محصور في ٤٩ كلمة وهي: