(٤٨٥) تجدر الإشارة أننا لم نورد في هذه الإحصاءات إلا ما كان خلافاً فرشياً في الكلمة الواحدة، ولو أوردنا التركيب لتضاعف العدد، إذ رب كلمتين اختلف في كل منهما على وجهين، فيحصل من تركيبهما أربعة أوجه، ومثل ذلك كثير، فيكون ما أردناه مشتملاً على الفرشيات في الكلمة الواحدة مستقلة دون سواها.
مثلاً: قوله تعالى: ﴿أم تسئلهم خرجاً فخراج ربك خير﴾
قرئت: ﴿خرجاً﴾ بوجهين: قرأها حمزة والكسائي وخلف ﴿خراجاً﴾
وقرأها الباقون ﴿خرجاً﴾
وقرئت ﴿فخراج﴾ بوجهين: قرأها ابن عامر ﴿فَخَرْج﴾
وقرأها الباقون ﴿فخراج﴾
هذا عند تجريد الكلمات، ولكن إن أردنا التركيب قلنا:
قرئت الآية بثلاثة وجوه:
﴿خرجاً فخرج﴾ ابن عامر
﴿خراجاً فخراج﴾ حمزة، والكسائي، وخلف
﴿خرجاً فخراج﴾ الباقون
الفصل السادس: مناهج القراء في جمع القراءات
المبحث الأول: تمهيد حول تاريخ الإقراء
بدأ تلقي القرآن الكريم بقراءة النبي - ﷺ - الذي تلقاه بدوره عن المولى سبحانه وتعالى: ﴿وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم﴾(٤٨٦)
وكان النبي - ﷺ - يعرض القراءة على جبريل عليه السلام في كل عام مرة، وقد أخبر بذلك (في قوله:
إن جبريل كان يراجعني بالقرآن في كل عام مرة، وإنه راجعني هذا العام مرتين وما أراه إلا حضر أجلي(٤٨٧)
ولم يرد في السنن أن النبي - ﷺ - كان يعقد مجالس القراء على النحو الذي التزمه الأئمة بعده، حيث اتخذ الاختصاص سبيله في الأداء، وإنما كان النبي - ﷺ - يقرأ الآية فور نزولها فيتلقاها عنه كتاب الوحي من خيار الصحابة، ثم تجد طريقها إلى قلوب الحفظة من الأصحاب الذين يقرئون بها الناس.
ولكن كان الأصحاب إذا شكل عليهم باب من القراءة يرجعون إلى النبي - ﷺ - فيصوب لهم ما يقرؤون أو يقرهم فيه.