ومن هؤلاء: عبد الله بن مسعود، وعائشة، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وحفصة، وأم سلمة، وأبي بن كعب، وغيرهم كثير(٥١١)
ولم تكن هناك ضرورة لجمع هذه الصحف في مكان واحد خلال حياة النبي - ﷺ - إذ النبي - ﷺ - حي، والحفاظ متوافرون، فضلاً عن عدم إمكان ذلك بسبب تنزل الوحي المستمر، ومن المعلوم أن ترتيب نزول الوحي اتصل حتى الأيام الأخيرة من مرض النبي - ﷺ - الأخير.
أول جمع للقرآن: حين توفي النبي - ﷺ - اشتدت الحاجة لجمع هذه الصحف المكتوبة في مكان واحد تمهيداً لنسخها ضمن المصاحف ليسهل نشرها في الآفاق.
وكان عمر بن الخطاب أول من رأى ذلك وسعى إليه، فقد روى البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: أرسل إليّ أبو بكر (عند) مقتل
أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ (كثر) في أهل اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف تفعل ما لم يفعله رسول الله - ﷺ - قال عمر: هو والله خير. فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله - ﷺ -، فتتبع القرآن فاجمعه. فقال زيد: فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال، ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله - ﷺ - قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدر الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره.