مصاحف الصحابة الخاصة: وقد يشكل هنا ما اشتهر من أن بعض مصاحف الصحابة الخاصة فيها زيادات ليست في المصاحف التي بين أيدينا، ويزول ذلك الإشكال حين تعلم أن هذه المصاحف إنما كتبها أولئك الأصحاب لأنفسهم، وكانوا يزيدون فيها ما هو من باب التفسير والإيضاح، كما زاد مثلا عبد الله بن مسعود في مصحفه: (وهو أبوهم) بعد قوله تعالى: ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم﴾ فزيادته تلك هي زيادة إيضاح وتفسير، ولم بجد في ذلك حرجاً لأنه إنما كتب المصحف لنفسه، وهو يعلم أن هذه الإشارات والملاحظات ليس من نص القرآن.
ثم لما جمع عثمان الناس على المصحف الإمام أدرك الأصحاب ضرورة إتلاف مصاحفهم لما فيها من زيادات تفسيرية قد تصبح في أيدي من لا يميزون فيزيدون في كتاب الله ما ليس فيه.
وهكذا فقد استغنى الأصحاب بالمصحف الإمام بعد أن اجتمعت كلمتهم على تجريد كتاب الله مما ليس فيه.
ويشير علماء القرآن إلى أن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود امتنع أولا من تسليم مصحفه لما كان قد دون فيه من ملاحظات هامة، إلا أنه عاد فيما بعد فالتزم رأي جماعة المسلمين.
قال الحاكم في المستدرك: جمع القرآن ثلاث مرات:
(إحداها) بحضرة النبي - ﷺ - ثم أخرج بسند على شرط الشيخين عن زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله - ﷺ - نؤلف القرآن من الرقاع الحديث. وقال البيهقي: يشبه أن يكون المراد به تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها وجميعها فيها بإشارة النبي - ﷺ -.


الصفحة التالية
Icon