(٧٦٩) المصدر نفسه
المسألة السادسة
قوله تعالى: ﴿وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه﴾ المائدة ـ٤٧ -
قرأ حمزة: ﴿وليحكم أهل الإنجيل﴾ بكسر اللام وفتح الميم.
جعل اللام لام كي، ونصب الفعل بها، وكأنه وجه معنى ذلك إلى ﴿وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة﴾ - ٤٦ - وكي يحكم أهله بما أنزل الله فيه.
وقرأ الباقون: ﴿وليحكم﴾ ساكنة اللام والميم على الأمر، فأسكنوا الميم للجزم وأسكنوا اللام للتخفيف.
وحجتهم في ذلك أن الله عز وجل أمرهم بالعمل بما في الإنجيل كما أمر نبينا (في الآية بعدها بالعمل بما انزل الله إليه في الكتاب بقوله:
﴿وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله﴾(٧٧٠).
وثمرة الخلاف: أنه من قرأ بالنصب جعلها متعلقة بقوله ﴿وآتيناه الإنجيل﴾ أي لكي يحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه، وهو محل اتفاق بين المسلمين لأن أهل الكتاب كانوا مأمورين أن يحكموا بما في الإنجيل.
أما القراءة بالجزم على أساس أن اللام لام الأمر، فهي أيضاً إلزام لهم بالحكم بما في الإنجيل الحق من وجوب اتباع النبي - ﷺ - كما يجدونه في كتبهم.
فالخلاف بين القراءتين شكلي، والاتفاق منعقد على المعنى(٧٧١).
وبمثل ذلك نقل القرطبي عن النحاس قوله: والصواب عندي أنهما قراءتان حسنتان لأن الله عز وجل لم ينزل كتاباً إلا ليعمل بما فيه، وأمر بالعمل بما فيه فصحتا جميعاً.(٧٧٢)
وليس في أي من القراءتين دليل للنصارى اليوم فيما يزعمونه من أن القرآن أمرهم بالاحتكام إلى الإنجيل، إذ إن الإنجيل الذي أمروا بالاحتكام إليه في نص
القرآن، هو ذلك الإنجيل الذي يتضمن وحدانية الله، وبشرية السيد المسيح، والبشارة بالمصطفى(
قال الله عز وجل: ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون﴾(٧٧٣)