(عن أبي الحسن المضاي قال: قرأ أمير المؤمنين: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك (من خلافة علي) وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، فقلت: تنزيل؟ فقال: نعم)(٦٩).
(وفي الكافي للكليني أيضاً في تأويل قوله تعالى: ﴿فأتوا بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم﴾: (إن الله تعالى لما قبض نبيه - ﷺ -، ونوزعت فاطمة في ميراثها من رسول الله - ﷺ -، فاعتزلت الناس خمسة وسبعين يوماً حتى كتبت مصحفها، فأرسل الله جبريل إليها، حتى كتبت مصحفاً فيه علم ما كان وما يكون، وما لم يكن إلى يوم القيامة)(٧٠).
(عن محمد بن جهم الهلالي أن أبا عبد الله قال: (أمة هي أزكى من أمة) في سورة النحل، ليست كذاك، ولكنها: (أئمة هي أزكى من أئمتكم)(٧١).
ومثل ذلك في الكافي أيضاً عن الإمام محمد الباقر قوله:
(ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب، وما جمعه وحفظه كما أنزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة بعده)(٧٢)
وقد أدى ورود مثل هذه الروايات عن القوم إلى فتح باب الطعن في عقائد الشيعة، وذهب بعض المتشددين من أهل السنة إلى الحكم بكفر القوم وفساد عقائدهم(٧٣).
والحق أن من يعتقد تحريف القرآن الكريم كافر بالإجماع، مخالف لهذه الأمة، ولكن ينبغي أن لا نتعجل على الناس حتى نتبين حقيقة ما يعتقدون، فليس مجرد وجود الرواية في كتبهم دليلاً على أنها لهم اعتقاد، وكذلك فإنه ينبغي أن نتبين مذهبهم في تأويل ما يروون.
والمحققون من الشيعة لا يعتقدون صحة سائر ما في الكافي للكليني، ولم ينزلوه عندهم منزلة صحيح البخاري عندنا ـ كما يعتقد عامة الناس، بل إنهم يذكرون أن فيه ضعيفاً ومرسلاً كثيراً، وإن الشيخ المتقي الكليني صنف كتابه في عشرين سنة، يسند عمن يسمع، فالعهدة على الإسناد، كما صنع الإمام الطبري، إذ أثبت لك أسانيده، وقال هذا إسنادي، ومن أسند فقد أعذر.