ففي أمريكا مثلاً وعلى إثر حملات مكثفة للمؤسسات العلمية الأمريكية التي فضحت مضار الخمر المحققة، قام الكونغرس الأمريكي بإصدار قانون عام ١٩١٩ يحرم صناعة الخمر سراً وجهراً، ويمنع بيعها وتصديرها واستيرادها ونقلها وحيازتها، ويفرض العقوبات الشديدة بحق المخالفين، إما بالسجن أو الغرامة أو كليهما.. ووضعت الحكومة لتنفيذ قانون التحريم إمكانات عظيمة، فأنفقت على الدعاية لتوعية الناس بكل الوسائل الإعلامية والتعليمية ما يزيد عن ٦٠ مليون دولار، ونشرت من الكتب والنشرات ما يزيد عن عشرة ملايين صحيفة، وأنفقت لتنفيذ القانون /٢٥٠/ مليون جنيه، وكانت النتيجة بعد تطبيق القانون أربعة عشر عاماً ما يلي: انتشار آلاف الحانات السرية، وازدياد عدد شاربي الخمر أضعافاً، وسجن حوالي نصف مليون شخص لمخالفتهم القانونية، وصدر حكم الإعدام بـ /٢٠٠/ شخص من المجرمين بسبب الخمر، وانتشرت الخمور الرديئة التي زادت في الأضرار الصحية فأدت لهلاك /٧٥٠٠/ شخص وإصابة /١١٠٠/ شخص بأمراض صعبة، وذلك في عام واحد، كما ارتفعت نسبة جرائم القتل إلى ٣٠٠%، وكل هذا دفع الحكومة لإعادة النظر في قانونها، وقرر الكونغرس عام ١٩٣٣ ميلادي إلغاء قرار حظر الإباحة وذلك بسبب الفشل الذريع، كما قال صوئيل في كتابه (قراءة حول الغول): (إن القرار قد ألغي على أساس واقعي هو أن المنع قد فشل)(١٢٦٣).
أما في التشريع الإسلامي، فإن الأمر كان أهون من ذلك بكثير، وما هو إلا أن اطمأنت نفوسهم بالإيمان، وسكنت إلى الله قلوبهم حتى صاروا في مراد الله أرغب منهم إلى مرادهم، ولأمره أطوع منهم لأوامر أنفسهم، وبعد مرحلة من التدرج الحكيم، نزلت آية واحدة في القرآن، قصمت ظهر أم الخبائث إلى الأبد:
﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه﴾(١٢٦٤)