وقد شهد المنصفون من الباحثين ـ حتى من غير المسلمين ـ بسلامة النص القرآني من التحريف والتبديل ومن هؤلاء المستشرقون الألمان حيث جمعوا النسخ الخطية المتداولة للمصحف، في شرق العالم الإسلامي وغربه للوقوف على ما توهّموا من اختلافات بين النسخ، وقارنوا بين هذه النسخ على العصور والبلدان المختلفة فلم يجدوا اختلافاً أصلاً. مما يؤكد سلامة القرآن من التغيير والتحريف والتبديل، وهو رد من داخل الدراسات الغربية على كل ما أثير من شبهات لا أساس لها من الصحّة، ولا غرابة في ذلك، بعد ما شهد القرآن الكريم بأن الله تولى حفظه أبد الدهر.
كما تكفل الله تعالى بحفظ القيم في الكتاب والسنة من أي تحريف أو تبديل سواء في ذلك تحريف الكلم عن مواضعه أو تحريفه بالتأويل والخروج بالمعنى عما وضع له اللفظ ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ (سورة الحجر: الآية: ٩).
﴿إن علينا جمعة وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه﴾ (سورة القيامة: الآيات ١٧ - ١٩).
وهذا التكفل بالحفظ للنص الإلهي والحراسة لبيانه وقيمه عن طريق النبوة يعتبر من أبرز سمات الرسالة الخاتمة وأخص خصائصها."(١٠٠)
والخلاصة أن سائر أهل التوحيد متفقون أن القرآن الذي نزل به جبريل الأمين على النبي محمد (هو المسطور في المصاحف ذاته، لم يسقط منه حرف ولم يزد فيه حرف، ومن خالف هذا الإجماع فهو كافر مفارق للملة.
------------
(٦٧) الكليني (ت ٣٢٩ هـ) هو أبو جعفر محمد بن يعقوب بن اسحق الكليني الرازي، فقيه ومحدث ومؤرخ إمامي، من أهم رواة الشيعة الجعفرية، اشتهر بكتابه: الكافي، وهو مجموع يتضمن ١٦١٩٩ حديثاً تصبح عند حذف المكرر منها ٨٧٨١ حديثاً، وقد كتبت عليه مئات الشروح والتعليقات، ويعتبر من أوسع كتب الرواية عند الشيعة.
(٦٨) الكافي للكليني جـ٤ ص ٤٤٦، باب ٤٧١ ح ٢٨