وأول من اشتغل بجمع القراءات هو الإمام أبو عبيد القاسم بن سلاَّم(١١٧) المتوفى عام ٢٢٢ هـ، ولكن جهده في جمع القراءات لم يكن مرتكزاً على منهج اعتباري، ولكنه كان يعنى بضبط ما يروى من القراءات والاحتجاج لها، وقد جمع علمه في هذا الباب في كتابه القراءات.
وهكذا فإن أبا عبيد كان في الحقيقة معاصراً لأئمة القراءة الكبار، ولكنه لم يكن معنياً بالاستقلال بحرف لنفسه، بقدر ما كان يعنى باستقصاء حروف الأئمة، لذلك فإنه لم يجر عملُ الأولين على إدراجه في القراء العشرة رغم أنه لا يقل عنهم رتبة ومنزلة.
ومع أننا سنورد لك هنا أسماء أئمة الإقراء العشرة غير أنه يلزم أن نبين أن تسمية (القراءات السبع) لم تظهر إلا على يد ابن مجاهد(١١٨) مطلع القرن الرابع، وأما استكمال القراءات العشر فلم يتم إلا على يد العلامة الجليل الشمس ابن الجزري المتوفى عام ٨٣٣ هـ(١١٩) في مؤلفه النشر في القراءات العشر ومن الإنصاف أن نقول إن هذا الضبط بالأئمة السبعة لم يكن كافياً ولا حاسماً في تلك الفترة، فثمة أئمة كثير، قرؤوا وأقرؤوا واشتهر علمهم وفضلهم خلال هذه الفترة من عهد التابعين وتابعيهم، وسنأتي على بيان الأسباب التي حملت على ذلك خلال حديثنا عن منهج ابن مجاهد في الفصل التالي.
وأذكر لك فيما يلي أسماء القراء العشرة وأمام كل قارئ منهم راويان له نشرا قراءته بعده بين الناس وهذا الاختيار هو الذي اختاره ابن مجاهد في القراءات السبع ثم ابن الجزري في الثلاث التالية وهو الذي نظم به الشاطبي (حرز الأماني) وأكمله فيما بعد ابن الجزري بنظم (الدرة البهية). ثم استوفى ذلك كله في نظم واحد هو: (طيبة النشر) وهو الذي يقرأ به سائر قراء العالم الإسلامي اليوم.
------------