(١٦٥) الشاطبي (٥٣٨ - ٥٩٠ هـ=١١٤٤ - ١١٩٤ م) هو القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الرعيني، أبو محمد الشاطبي: إمام القراء، كان ضريراً، ولد بشاطبة (في الأندلس) وتوفي بمصر، وهو صاحب (حرز الأماني) وهي قصيدة في القراءات تعرف بالشاطبية. وكان عالماً بالحديث والتفسير والفقه، قال ابن خلكان: كان إذا قرئ عليه صحيح البخاري ومسلم والموطأ تصحح النسخ من حفظه، والرعيني نسبة إلى ذي رعين أحد أقيال اليمن.
المبحث السادس: ابن الجزري ودوره في نشر القراءات
مضى القرن الرابع الهجري وقد أطبقت الأمة على تواتر القراءات السبع كما اختار ابن مجاهد، وراحت المدارس الإسلامية تبذل الجهود المتضافرة في إظهار أسانيد هذه القراءات السبع وتحديد رواتها وطرقها، حتى بلغت في ذلك الغاية.
ولكن القراءات الأخرى لم تعدم من يدافع عنها ويحاجج لها، ويكشف عن أسانيدها بغرض إثبات التواتر في روايتها وإسنادها.
وبالفعل فقد أنكر كثير من العلماء على ابن مجاهد إعراضه عن قراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع(١٦٦)، وهو الذي قال فيه مجاهد بن جبر(١٦٧) الإمام المفسر: لم يكن بالمدينة أحد أقرأ للسنة من أبي جعفر، وهو من أعلى القراء إسناداً إذ توفي عام ١٣٠ هـ.
كما اعترض على ابن مجاهد في تركه لقراءة يعقوب بن إسحاق الحضرمي(١٦٨) البصري، وقد أطبقت كلمة القراء والحفاظ على موثوقيته وعلوه في الإسناد وإمامته(١٦٩)، حيث انتهت إليه رياسة الإقراء بعد أبي عمرو البصري(١٧٠)، ووصفه أبو حاتم السجستاني(١٧١) بأنه أعلم من رآه بالحروف، والاختلاف في القرآن وعلله ومذاهب النحو.
ومن الأعمال الجليلة التي صنفت متضمنة بيان منزلة الإمام المقرئ يعقوب: التذكرة في القراءات الثمان للإمام أبي الحسن طاهر بن غلبون المقرئ الحلبي(١٧٢)، وكذلك: التلخيص في القراءات الثمان للإمام أبي معشر عبد الكريم بن عبد الصم الطبري، وقد ضم كل منهما قراءة يعقوب إلى السبعة الكبار، وبسطوا أصولها وفرشها(١٧٣).


الصفحة التالية
Icon