(وأيضاً فلو قلنا: إنه يعني هؤلاء السبعة فمن أي رواية؟ ومن أي طريق؟ ومن أي كتاب؟ إذ التخصيص لم يدّعه ابن الحاجب، ولو ادَّعاه لما سلم له. بقي الإطلاق، فيكون كل ما جاء عن السبعة، فقراءة يعقوب جاءت عن عاصم وأبي عمرو. وأبو جعفر هو شيخ نافع، ولا يخرج عن السبعة من طرقٍ أخرى). ا. هـ.
ثم توجه ابن الجزري بالسؤال لابن السبكي بقوله:
(ما تقول السادة العلماء أئمة الدين في القراءات العشر التي يُقرأ بها اليوم هل هي متواترة أو غير متواترة؟ وهل كل ما انفرد به واحد من العشرة بحرف من الحروف متواتر أم لا؟ وإذا كانت متواترة فما يجب على من جحدها أو حرفاً منها؟)
فأجابني ومن خطه نقلت:
(الحمد لله، القراءات السبع التي اقتصر عليها الشاطبي، والثلاث التي هي قراءة أبي جعفر وقراءة يعقوب، وقراءة خلف متواترة معلومة من الدين بالضرورة، وكل حرف انفرد به واحد من العشرة معلوم من الدين بالضرورة أنه مُنزل على رسول الله - ﷺ - لا يكابر في شيء من ذلك إلاَّ جاهل وليس تواتر شيء منها مقصوراً على من قرأ بالروايات، بل هي متواترة عند كل مسلم يقول: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأن محمداً رسول الله، ولو كان مع ذلك عامياً جلفاً لا يحفظ من القرآن حرفاً، ولهذا تقرير طويل، وبرهان عريض لا يسع هذه الورقة شرحه، وحظ كل مسلم وحقه أن يدين الله تعالى ويجزم بأن ما ذكرناه متواتر معلوم باليقين، لا يتطرق الظنون ولا الارتياب إلى شيء منه، والله أعلم(٢٠٥) ا. هـ
ومع ما أوردناه من تقرير ابن الجزري، فإنه يجب القول أنه أفرط في تسفيه رأي مخاصميه، وجزم بأن تواتر هذه القراءات الثلاث تتمة العشر حظي بإجماع المسلمين، وأن إنكار واحدة منها إنكار صريح للوحي المتنزل على المعصوم - ﷺ -، وأنكر أن يكون في المسلمين من لا يعتقد تواترها!..


الصفحة التالية
Icon