قال أبو أصبغ: وقد يعبر به عن الاختلاس.
قلت: لأنه إخفاء عن الحركة بالنسبة إلى إكمالها.
الرابع عشر: القلب: وهو إبدال النون، والتنوين قبل الباء ميما خالصة (كسميع بصير).
الخامس عشر: التسهيل، وهو صرف الهمزة عن حدها نطقا وهو ثلاث أضرب.
أولها: بين بين، وهو إيجاد حرف بين همزة وحرف مد.
والثاني: الحذف رأسا كيسال.
الثالث: البدل المحض، وهو إبدالها إن انضم ما قبلها واوا كيويد، أو انكسر ياء كإيت، أو انفتح ألفا كياتي.
السادس عشر: التخفيف، وهو بمعنى التسهيل؛ ويستعمل عبارة عن حذف صلة الهاء في )عليه( ونحوها وعبر به غالبا عن فك المشدد.
السابع عشر: التشديد، وهو ضده في العبارة الآخرة.
الثامن عشر: التثقيل: قال أبوالأصبغ في كتاب المرشد هو رد الصلات إلى الهاءات فظهر لي أنه إنما سمي )ثقلا( بالنسبة إلى الهاءات المختلسة؛ إذ هو أسهل على النطق. وقال بعض أهل هذا الشأن: التشديد والتثقيل واحد.
وقطع الجعبري في العقود بالفرق. فالظاهر بأن التشديد أخص لأنه حبس محل النطق، وهو مخرج الحرف المنطوق به مشددا.
والتثقيل: يطلق عليه لثقله على الناطق ويطلق أيضا على رد صلة الميم قياسا فكل تشديد تثقيل، ولا عكس.
فإن قيل: لا يصح قياس الهاء على الميم في هذا الحكم؛ لأن مرجعها إلى الاختلاس ومرجع الميم إلى السكون بدليل عدم ورود النقل باختلاس ميم الجمع، وإنما الخلاف فيها دائر بين الصلة، والسكون.
قلت الجواب عنه من وجهين: أحدهما قطع النظر عن الأصل؛ والكلام إنما هو في موجب الثقل، وهو حصول الزيادة على الأصل مطلقا؛ والجامع بينهما المسوغ للقياس كون كل منهما أثقل على الناطق مما كان عليه أولا.
إذ المختلس يزيد في الحركة؛ ليتم حرف مد، والمسكن يحرك، ثم يمد الحركة؛ ليصيرها حرفا؛ ففي كل من الفعلين زيادة كلفة؛ فثقلت حينئذ صلة الميم لوجود الزيادة كما ثقلت صلة الهاء لوجود الزيادة.
الوجه الثاني: على تقدير النظر إلى الأصل المرجوع عليه في الهاء، والميم، فالتعبير بالتثقيل عن صلة الميم الجمعية أولى من التعبير به عن صلة الهاء، ويشهد لذلك أن صلة الميم تحتاج إلى حركة أولا، إذ الميم تكون ساكنة في الأصل، ثم بعد حصول صورة الحركة تأتي بالصلة؛ وصلة الهاء تكون الحركة فيها موجودة قبل صلتها؛ فالصلة في الميم أثقل؛ إذ الناطق يتكلف أمرين: أحدهما التحريك، والثاني صلة الحركة؛ والناطق بصلة الهاء يتكلف الصلة لا غير لوجود الحركة قبل.
وما زاد التكلف له كان أثقل، وما كان أثقل، فالتعبير عنه بالثقل أولى من التعبير به عما دونه في الثقل، وأقرب حقيقة.
التاسع عشر: التتميم وهو عبارة عن التقيل غير أنهم جعلوه مخصوصا بصلة الميمات.
العشرون: النقل وهو الحذف المذكور في أضرب التسهيل سالفا، ونظم عبارته قوم بنقل حركة الهمزة إلى الساكنة قبلها؛ فإن كانت الهمزة مفتوحة فتح الساكن، أو مضمومة ضم الساكن، أو مكسورة كسر كالأرض و (مَن أَسَّس) والايمان.
الحادي والعشرون: التحقيق، وهو ضد التسهيل، وهو الإتيان بالهمز على صورته كامل الصفة من مخرجه.
الثاني والعشرون: الإرسال: وهو تحريك ياء الاضافة بالفتح، وعبر المتأخرون عنه بالفتح؛ والأول أجود لاستغناء المعبر به عن التنصيص على محل الفتح؛ إذ التعبير بالإرسال يخصصه بياء الاضافة عرفا.
الثالث والعشرون: الإمالة. قال الأصبغ: هي ضد الفتح.
قلت: ولهذا عبر عنها بالكسر؛ وهي ضربان: أحدهما الكبرى، وهي المرادة عند الإطلاق؛ وحدها: نطق بألف خالصة فتصرف إلى الكسر كثيرا. والثاني: الصغرى، ويعبر عنها بالتقليل، وبين بين؛ وحدها: النطق بألف منصرفة إلى الكسر قليلا.
الرابع والخامس والعشرون: البطح، والإضجاع، وهما عبارتنا قديمتان عن الإمالة الكبرى.
السادس والعشرون: التغليظ: التغليظ، وهو سمن يعتري الحرف المراد تغليظه فيملأ الفم حال النطق والتفخيم بمعناه.
السابع والعشرون: الترقيق، وهو نحول يعتري الحرف على ضد ما قبله، وهو ضربان: أحدهما يدخل على المفتوح كالإمالة، والآخر يدخل على غير المفتوح كالراءات فكل إمالة ترقيق، ولا عكس.
الثامن والعشرون: الروم، وهو إذهاب أكثر الحركة، وإبقاء جزء منها حال الوقف؛ وفائدته الاعلام بأصل الحركة ليرتفع جهالة السامع.