أو يكون مفيدا لمعنى جديد لم يسبق في الكلام فحمله على الإفادة أولى من حمله على الإعادة، لأن إفادة معنى جديد أولى من إلغاء هذا المعنى بجعله مؤكدا لما تقرر في كلام سابق، فالتأكيد خلاف الأصل، لأن الأصل في وضع الكلام إنما هو إفهام السامع ما ليس عنده، فإن تعذر حمله على فائدة جديدة حمل حينئذ على التأكيد.
ويدخل تحت التأكيد المراد هنا تأكيد معنى سابق، ولو لم يكن في ذلك تكرارا لأي لفظ من ألفاظ الجملة السابقة.
وقد ذكر هذه القاعدة ورجح بها: الطبري (١) وابن العربي (٢) وابن القيم (٣) وغيرهم.
التطبيق:
قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾.
اختلف العلماء في عائد الضمير المحذوف الذي هو فاعل "علم":
- فقال بعضهم: إنه راجع إلى قوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ وعلى هذا يكون المعنى: كل من المصلين والمسبحين قد علم الله صلاته وتسبيحه.
- وقال آخرون: بل هو راجع إلى قوله ﴿ كل ﴾ فعلى هذا يكون المعنى: كل من المصلين والمسبحين قد علم صلاة نفسه وتسبيح نفسه.
والثاني هو الصحيح حتى يكون قوله تعالى: ﴿ والله عليم بما يفعلون ﴾ تأسيسا لمعنى جديد وهو إحاطة علم تعالى بكل ما يفعلون، أما على القول الأول فإن هذه الجملة - ﴿ والله عليم بما يفعلون ﴾ - مؤكدة لمعنى جملة ﴿ قد علم صلاته وتسبيح ﴾ والتأسيس أولى من التأكيد.
القاعدة الحادية عشرة
التباين أولى من الترادف
عند اختلاف المفسرين في تفسير ألفاظ قرآنية بين قائل بالترادف وقائل بالتباين بين معانيها فأرجح القولين حملها على التباين، لأنه الأصل وهو أكثر اللغة لإفادته معنى جديدا.

(١) ١٧/١٩٣
(٢) ١/٢٣٢
(٣) عدة الصابرين ٢٣١


الصفحة التالية
Icon