إذا ورد لفظ في كتاب الله واحتمل الاشتراك –وهو أن يدل لفظ على معنيين فأكثر على السواء- والإفراد فيحمل على إفراده، لأنه الأصل في اللغات والأكثر في الاستعمال والتخاطب.
وقد قرر هذه القاعدة علماء الأصول (١) وغيرهم.
التطبيق:
قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء ﴾ ذهب إلى أن لفظ "النكاح" مشترك بين العقد والوطء حقيقة فيهما.
وذهب آخرون إلى أنه حقيقة في الجماع مجاز في العقد وقيل العكس والذي ترجحه القاعدة أنه ليس مشتركا بينهما بل يحمل على أحدهما إما الوطء وإما العقد فهذا أرجح من كونه مشتركا، لأن الاشتراك خلاف الأصل.
القاعدة الرابعة عشرة
تصريف الكلمة واشتقاقها مرجِح
إذا اختلف المفسرون وأيد تصريف الكلمة أو أصل اشتقاقها أحد الأقوال فهو الأولى بالصواب، لأن التصريف والاشتقاق يعيدان الألفاظ إلى أصولها فتتضح الألفاظ والمعاني المتفرعة عنها.
وقد يدل تصريف الكلمة على ضعف أحد الأقوال لأجل مخالفته له.
وقد استعمل الطبري هذه القاعدة ورجح بها (٢) وكذلك فعل ابن عطية (٣) وابن تيمية (٤) وغيرهم.
التطبيق:
١- قال تعالى: ﴿ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً ﴾ اختلف المفسرون في المراد بـ"الأوابين" على أقوال:
أ المسبحون
ب المطيعون المحسنون
ت الذين يصلون بين المغرب والعشاء
ث " " الضحى.
ج الراجع من ذنبه والتائب منه.
والقول الأخير هو الصحيح، لأن اشتقاق كلمة أواب يدل عليه، يقال: آب يؤوب أوبا إذا رجع.
٢- قال تعالى: ﴿ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ﴾ جاء في معنى الإمام أقوال:
أ نبيهم ومن كان يقتدى بهم في الدنيا ويؤتم به.
ب يدعوهم بكتب أعمالهم التي عملوها في الدنيا.
ت كتابهم الذي أنزل على نبيهم.
ث إمام جمع "أُم" وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاته دون آبائهم.
(٢) ١٣/٥٢٧
(٣) ٤/٤٢
(٤) المجموع ١٧/٢٢٦