٣- "من" في موضع نصب بفعل محذوف دل عليه الكلام تقديره: ويكفي من اتبعك من المؤمنين.
٤- "من" في موضع رفع بالابتداء أي: ومن اتبعك من المؤمنين فحسبهم الله فيكون من عطف الجمل.
هذه الأوجه متفقة مع القاعدة ومتمشية مع الصحيح في معنى الآية، ولا تعارض أدلة شرعية، وإن وجد تقديم لبعضها على بعض من جهة الصناعة كالذي يقال في القول الأول بأنه من العطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار وهو وإن كان جائزا في أصح القولين لكنه قليل وإعادة الجار أحسن وأفصح.
٥- "من" في محل رفع عطفا على اسم الله تعالى، ومعناه: حسبك الله وأتباعك ومن المؤمنين.
وهذا القول ضعيف بل باطل، لأن الحسب هو الكافي، ولا يصح صرف هذا لغير الله تعالى كالرغبة والرهبة وسائر أنواع العبادات.
وقد دل القرآن في آيات كثيرة على أن الحسب والكفاية لله وحده لا شريك له فيهما كقوله تعالى: ﴿ فإن حسبك الله ﴾.
القاعدة الثانية
يجب حمل كتاب الله على الأوجه الإعرابية القوية والمشهورة دون الضعيفة والشاذة والغريبة
هذه القاعدة متفرعة عن قاعدة: "يجب حمل كلام الله على المعروف من كلام العرب دون الشاذ والضعيف والمنكر" فهذه القاعدة مختصة بالإعراب واستعمالهم للعوامل ووجوه ذلك قوة وضعفا، وتلك القاعدة في كل ما هو وارد عنهم في الألفاظ المفردة والتراكيب والأساليب.
التطبيق:
قال تعالى: ﴿ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ﴾.
اختلف المعربون والمفسرون اختلافا كبيرا في متعلق الكاف في "كما" حتى أوصل بعضهم الأقوال إلى عشرين قولا، من هذه الأقوال قول أبي عبيد بان مجازها مجاز القسم كقولك: والذي أخرجك ربك، لأن "ما" في موضع "الذي" فجعل الكاف حرف قسم بمنى الواو، وهذا القول غريب جدا في العربية وفي معنى الآية، وقد رد الأئمة هذا الوجه وأنكروه.
والحمد لله رب العالمين.
الفهرس
المقدمة

التمهيد



الصفحة التالية
Icon