وأنشدوا قوله :
يا رُبَّ أبَّاز من العُفْر صدع تقبَّض الظلُّ إليه واجتمع١
لما رأى أن لا دعه ولا شِبع مال إلى أرطاة حِقْف فاطجع
ويُروى :"فاضطجع" وهو الأكثر والأقيس.
ويُروى أيضًا :"فالْطَجع" يبدل أيضًا اللام من الضاد.
فإن قيل : فقد أحطنا علمًا بأن أصل هذا الحرف اضتجع افتعل من الضجعة، فلما جاءت الضاء قبل تاء افتعل أُبدلت لها التاء طاء، فهلا لما زالت الضاد فصارت بإبدالها إلى اللام رُدت التاء فقيل : التجع، كما تقول : التجم والتجأ؟
قيل : هذا إبدال عَرَضَ للضاد في بعض اللغات، فلما كان أمرًا عارضًا، وظِلًّا في أكثر اللغات خالصًا؛ أقروا الطاء بحالها إيذانًا بقلة الحفل بما عرَض من البدل، ودلالة على الأصل المنحو المتعمد، وله غير نظير.
ألا ترى إلى قوله :
وكَحَل العينين بالعَوَاوِر٢
وكيف صحح الواو الثانية وإن كان قبلها الواو الأولى بينهما ألف وقد جاوزت الثانية

١ الأباز : الوثاب، ويريد به الظبي، والعفر : جمع أعفر؛ وهو الأبيض الذي ليس بشديد البياض، والصدع بالتسكين وقد يحرك : الخفيف اللحم، الدعة : الراحة والسكون، الحقف : التل المعوج من الرمل. ويروى :"الذئب" مكان "الظل". وسكن هاء "دعه" في الوصل لضرورة الشعر، ويقول الفراء : إنها لغة للعرب. وينسب هذا الرجز إلى منظور بن حبة الأسدي.
وانظر : المنصف ٢/ ٣٢٩، والخصائص : ١/ ٦٣، ٢٦٣، ٣/ ١٦٣، وشواهد الشافية : ٢٧٤ وما بعدها.
٢ لجندل بن المثنى الطهوي، شاعر راجز إسلامي مهاج للراعي، وجندل من بن تميم، وطهية هي بنت عبد شمس بن سعد بن زيد مناة بن تميم، غلب نسبة أولادها إليها، وقبل الشاهد :
غرك أن تقاربت أبا عرى وأن رأيت الدهر ذا الدوائر
حنى عظامي وأراه ثاغري وكحل..............
وينسبه ابن جني في الخصائص ٣/ ٣٢٦ للعجاج. وتقاربت أبا عرى : قلت : يعني من قلتها قرب بعضها من بعض، وقيل : قربت من الدناءة، من قولك : شيء مقارب إذا كان دونًا، وثاغري من ثغرته : أي كسرت ثغره، وهو في الأصل المبسم ثم أطلق على الثنايا، والعواور : حمع عوار؛ وهو جمع العين، وفسر بالرمد، وبالوخز يجده الإنسان في عينه. وهو هنا يخاطب امراته. الكتاب : ٢/ ٢٧٤، والمنصف ٢/ ٤٩، والخصائص ١/ ١٩٥، ٣/ ١٦٤، ٣٢٦، وشرح شواهد الشافية : ٣٧٤.


الصفحة التالية
Icon