فقد عُلم أنها إذا تذكرت الأرض التي فيها أخوالها وأعمامها فقد دخلوا في جميع ما وقع الذكر عليه، فقال بعد : تذكرت أخوالها وأعمامها.
وكانه لما قال :
أسقَى الإله عُدُوات الوادي وجوفَه كل مُلِثٍّ غادي
كل أجش حالك السواد١
فقد سقى الأجش فرفعه بفعل مضر؛ أي : سقاها كل أجش. وهو كثير جدًّا.
ومن ذلك قراءة علي عليه السلام والأغرج، ورُويت عن عمرو بن عبيد٢ :"خُطُؤات"٣ بضمتين وهمزة، وهي مرفوضة وغلط.
وقرأ أبو السمال :"خَطَوات" بفتح الخاء والطاء.
قال أبو الفتح : أما الهمز في هذا الموضع فمردود؛ لأنه من خطوات لا من أخطأت، والذي يُصرف هذا إليه أن يكون كما تهمزه العرب ولا حظَّ له في الهمز، نحو : حَلَّأت السويق، ورَثَأْثُ رُوحي بأبيات، والذئب يستنشئ٤ ريح الغنم. والحمل على هذا فيه ضعف؛ إلا أن الذي فيه من طريق العذر أنه لما كان من فعل الشيطان غلب عليه معنى الخطأ، فلما تصور ذلك المعنى أَطلعت الهمزة رأسها، وقيل :"خُطُؤات".
وأما خَطَوات فجمع خَطْوة، وهي الفَعْلَة، والْخُطوة ما بين القدمين، والْخُطُوات كقولك : طرائق الشيطان، والْخَطَوات كقولك : أفعال الشيطان.
ومن ذلك قراءة أُبي وابن مسعود :"ليس البر بأن تولوا وجوهكم"٥، قال ابن مجاهد : فإذا كان هكذا لم يجز أن يُنْصب البر.
قال أبو الفتح : الذي قاله ابن مجاهد هو الظاهر في هذا؛ لكن قد يجوز أن يُنْصب "٢٤و" مع الباء، وهو أن تجعل الباء زائدة؛ كقولهم : كفى بالله؛ أي : كفى الله؛ وكقوله تعالى :﴿وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾٦ أي : كفينا، فكذلك "ليس البر بأن تولوا" بنصب البر كما في قراءة السبعة.

١ لرؤبة، ويروى :"جنبات" مكان "عدوات". والعدوات : جمع عدوة، وهي مثلثة : جانب الوادي. والملث من المطر : الدائم الملازم. وانظر : الكتاب : ١/ ١٤٦، والديوان : ١٧٣.
٢ هو عمرو بن عبيد بن باب البصري، روى الحروف عن الحسين البصري وسمع منه، وروى عنه الحروف بشار بن أيوب الناقد، مات سنة ١٤٤. "طبقات ابن الجزري : ١/ ٦٠٢.
٣ سورة البقرة : ١٦٨.
٤ الأصل : حليت، ورثيت، يستنشئ أي : يشم.
٥ سورة البقرة : ١٧٧.
٦ سورة الأنبياء : ٤٧.


الصفحة التالية
Icon