وأما "إلى مَيْسُره" فغريب؛ وذلك أنه ليس في الأسماء شيء على مفْعُل بغير تاء؛ لكنه بالهاء، نحو : المقْدُرة والمقْبُرة والمشرُقة١ والمقنُوة٢، وأما قوله :
أَبلغ النعمان عني مألُكا أنه قد طال حبسي وانتظار٣
فطريقه عندنا : أنه أراد مألُكة - وهي الرسالة - غير أنه حذف الهاء وهو يريدها، كما قال كثير :
خليلي إنْ أمُّ الحكيم تَحَملت وأَخْلت لخيمات الْعُذَيب ظلالها٤
يريد : العُذيْبَة "٣١ظ"، وكما قال ملك بن جبار الطائي :
إنا بنو عمكم لا أن نُباعلكم ولا نصالحكم إلا على ناح٥
يريد ناحية. وكذلك قول الآخر :
بُثَيْن الزمى لا إن لا إن لزمتِه على كثرة الواشين أيُّ معون٦
يريد معونة فحذف، وقيل : أراد جمع معونة، وكذلك قول الآخر :
ليوم روع أو فَعالِ مَكْرُم٧
يريد : مكرمة ثم حذف، وقيل : أراد جمع مكرمة، وكذلك أراد هنا إلى ميسرته، فحذف الهاء. وحسن ذلك شيئًا أن ضمير المضاف إليه كاد يكون عوضًا من علم التأنيث، وإليه ذهب الكوفيون في قوله تعالى :﴿وَإِقَامِ الصَّلاةِ﴾٨ أنه أراد إقامة، وصار المضاف إليه كأنه عوض من التاء.

١ المشرقة مثلثة الراء : موضع القعود في الشمس بالشتاء.
٢ المقنوة من الظل؛ حيث لا تصيبه الشمس في الشتاء.
٣ لعدي بن زيد، من قصيدة يخاطب فيها النعمان بن المنذر، وكان النعمان قد حبسه، المألك : الرسالة. الخزانة : ٣/ ٥٩٧، والمنصف : ٢/ ١٠٤.
٤ بعده :
فلا تسقياني من تهامة بعدها بلالًا وإن صوب الربيع أسالها
العذيبة : قرية بين الجار وينبع، والجار : بلد على البحر قريب من المدينة. معجم البلدان.
٥ نباعلكم : أي نتزوج منكم وتتزوجوا منا، إلاعلى ناح : أي على ناحية وطرف من الأمر؛ أي : لا نصالحكم صلحًا خاصًّا مطلقًا. الخصائص : ٣/ ٢١٢.
٦ البيت لجميل. شرح شواهد الشافية : ٦٧، والخصائص ٣/ ٢١٢.
٧ لأبي الأخزر الحماني، وصدره :
مروان مروان أخو اليوم اليمي
وأصل "اليمي" اليوم كحذر، نقلت اللام إلى موضع العين، فانقلبت الواو ياء. الخصائص : ٣/ ٢١٢، وشرح شواهد الشافية : ٦٨.
٨ النور : ٣٧.


الصفحة التالية
Icon