والخامس : أن تكون فُعْلولة منه؛ كقُرْدودة١ وحُبْرورة٢، وأصلها على هذا ذُرُّورة؛ فعُمل فيها ما عمل فيما يليها، فهذا حديث ذرية إذا كانت من ذرر.
وإن كانت من لفظ ذرو أو ذرى احتملت مثالين :
أحدهما : أن يكون فُعُّولة.
والآخر : أن يكون فُعِّيلة.
فإذا كانت فعولة من الواو فأصلها ذُرُّوَّة، كفعولة من غروت غُزُّوَّة، إلا أن الاسم طال وضوعفت في آخره الواو فاستثقلت، فأُبدلت اللام ياء للتخفيف فصار ذُرُّوية، فأبدلت الواو لوقوع الياء بعدها والواو ساكنة ياء والضمة قبلها كسرة كما قلبت هي ياء وأدغمت في الياء؛ فصارت ذُرِّيَّة.
ومثل ذلك مما أبدل لطوله وثِقَل تضعيف الواو أُدْحيَّة٣، وأصلها أُدحُوَّة؛ لأنها من دحوت، وأَدعيَّة وأصلها أُدعُوَّة؛ لأنها من دعوت، وأُحْجِيَّة وأصلها أُحجوَّة؛ لأنها من حجوت؛ أي : ثَبَتُّ، وأُضحيَّة وأصلها أُضْحُوَّة؛ لأنها من الضحوة، فأبدلت لما ذكرنا؛ فصار جميعها إلى الياء.
وإن كانت ذُرية من الياء - وهي فُعُّولة - فخطبها أيسر؛ لأن أصلها ذروية، ولزمها من إبدال الواو وإدغامها ما لزم فيما قبلها. انقضى أمر ذُرية بضم الذال.
وأما "ذِرِّيَّة" بكسر الذال فتكون من ذرأ الله الخلق، فلا يجوز فيها إلا أن تكون فِعِّيلة، وأصلها ذِرِّيئة، ثم أُلزمت التخفيف أو البدل على ما مضى؛ فصارت ذِرِّيَّة.
فإن أَخذت ذِرِّية من الذر احتتملت أربعة أوجه :
أحدها : أن تكون فِعْليَّة كحِيريِّ٤ دهر.
والآخر : أن تكون منسوبة إلى الذر؛ إلا أنها كسر أولها للتغيير المعتاد مع ياءي الإضافة؛ كقولهم في أمس : إِمسي.
والثالث : أن تكون فِعِّيلة؛ كبِطيخة وجرِّيَّة٥، وأصلها ذِرِّيرة، ثم غيرت الراء الأخيرة لكثرة الراءات ياء على ما مضى، ثم أُدغمت فيها الياء قبلها؛ فصارت ذِرِّيَّة.
٢ الحبرور : ولد الحبارى، ولم نعثر عليه بالتاء فيما بين أيدينا من المعاجم.
٣ الأدحية : مبيض النعام في الرمل.
٤ يقال : لا آتيه حِيريّ الدهر، مشددة الآخر وتكسر الحاء؛ أي : مدة الدهر.
٥ الجرية : الحوصلة.