الرابع : أن تكون "٣٥ظ" فِعْليلَة كحِلتيت١ وحِبرير٢، وأصلها على هذا ذِرِّيرَة، ثم فيها ما عمل في الذي يليها.
فإن أَخذت ذِرية من ذرو أو من ذرى لم تكن إلا فِعِّيله ألبتة، وأصلها من الواو ذِريوة، فأبدلت الواو ياء، وأدغمت فيها ياء المد قبلها؛ فصارت ذِرية.
وإن كانت من الياء فلا صنعة فيها، فهي كفِعِّيلة من رميت رِمِّيَّة. انقضت ذِرية بكسر الذال.
وأما ذَرِّيَّة بفتح الذال فتكون من لفظ الذَّر، وتكون من لفظ ذرأ، وتكون من لفظ ذرو، وتكون من لفظ ذرى.
فإذا كانت من لفظ ذرر احتملت أن تكون فَعْلِيَّة كبَرْنِيَّة٣، وأن تكون فَعُّولَة كخَرُّوبَة، وأن تكون فَعْلُولة كبَعْكُوكَة٤، وأن تكون فِعِّيلة كسكينة، فتلك أربعة أوجه.
أما فَعْلِيَّة فأمرها واضح.
وأما فَعُّولَة فأصلها ذَرُّورة، فاجتمعت الراءات فأبدلت الآخرة ياء على ما قدمنا ذكره من تظنيت وتقضيت، فصارت ذَرُّوية، فلما اجتمعت الواو والياء وسكن الأول منهما قلبت الواو ياء، وأُدغمت الياء في الياء؛ فصارت ذَرِّية.
وأما فَعْلُولة فأصلها أيضًا ذَرُّورَة، فعُمل فيها من البدل والإدغام ما عمل في فَعُّولة.
وأما فَعِّيلة فأصلها ذَرِّيرَة، فأبدلت الراء الأخيرة لما ذكرنا ياء، وأدغمت فيها ياء المد قبلها؛ فصارت ذَرِّية.
فإذا كانت من لفظ ذرأ احتملت أن تكون فَعِّيلة كسكينة، وأن تكون فَعُّولة كخَرُّوبة.
فإذا كانت فَعِّيلة فأصلها ذَرِّيئة، فألزمت الهمزة التخفيف ألبتة أو البدل فقلبت ياء، ثم أدغمت فيها الياء قبلها؛ فصارت ذَرِّية.
وأما إذا كانت فَعُّولة فأصلها ذَرُّوءة، فأبدلت الهمزة ياء فصارت ذَرُّويَة، ثم أبدلت الواو ياء للياء بعدها، وأدغمت الياء المبدلة في الياء الثانية؛ فصارت ذَرِّيَّة.
ولا يجوز على هذا أن تكون همزة ذَرُّوءَة خففت؛ لأنه لو كان كذلك لقلبت واوًا لوقوع الواو قبلها، ثم أدغمت واو فَعُّولة فيها فصارت ذَرُّوَّة، كما أنك لو خففت مقروءة لقلت : مَقْرُوَّة، وهذا واضح.

١ الحلتيت : صمغ الأنجذان - بفتح فسكون فضم - وهو نبات يقاوم السموم.
٢ حبرير : جبل بالبحرين.
٣ البرنية : إناء من خزف، والديك الصغير أول ما يدرك.
٤ بعكوكة القوم بضم الباء وقد تفتح : آثارهم حيث نزلوا، أو خاصتهم، أو جماعتهم.


الصفحة التالية
Icon