ما قبلها : طائي، وقالوا : ضرب عليه سَاية١، وهي فَعْلَة من سوَّيت، يُعْنى به الطريق، وأصلها سَوْيَة، فقلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة قبل الياء فصارت سَيّة، ثم قلبت الياء ألفًا فقيل :"ساية"، وهو أولى من أن تكون قلبت الواو من سوية ألفًا قبل القلب والإدغام، وإن أعطيت القول ثني مِقوده طال وطغى وأَمَلَّ وتمادى "٣٩ظ".
ومن ذلك قراءة قتادة :"وكَأَي من نبي قُتِّل معه ربيون كثير"٢ مشددة.
قال أبو الفتح : في هذه القراءة دلالة على أن مَن قرأ مِن السبعة قُتل أو قاتل معه ربيون، فإن "ربيون" مرفوع في قراءته بقُتِل أو قاتل، وليس مرفوعًا بالابتداء ولا بالظرف الذي هو معه، كقولك : مررت برجل يَقْرأُ عليه سلاح، ألا ترى أنه لا يجوز كم نبي قُتِّل بتشديد التاء على فُعِّل؟ فلا بد إذن أن يكون ربيون مرفوعًا بقتِّل، وهذا واضح.
فإن قلت : فهلا جاز فُعِّل حملًا على معنى كم؟
قيل : لو انصُرِف عن اللفظ إلى المعنى لم يحسن العود من بعد إلى اللفظ، وقد قال تعالى كما تراه :"معه"، ولم يقل : معهم، فافهم ذلك٣.
ومن ذلك قراءة علي وابن مسعود وابن عباس وعكرمة والحسن وأبي رجاء وعمرو بن عبيد وعطاء بن السائب٤ :"رُبِّيون" بضم الراء، وقرأ بفتحها ابن عباس فيما رواه قتاده عنه.
قال أبو الفتح : الضم في "رُبِّيون" تميمية، والكسر ايضًا لغة. قال يونس : الرُّبَّة : الجماعة. وكان الحسن يقول : الرِّبِّيون : العلماء الصُّبُر. قال قطرب : والجماعة أيضًا مع يونس؛ أي : فرق وجماعات.

١ في اللسان "سوا" : ضرب لي ساية : أي هيأ لي كلمة سواها ليخدعني.
٢ سورة آل عمران : ١٤٦.
٣ قال أبو حيان بعدما لخص كلام ابن جني عن قراءة قتادة : وليس بظاهر؛ لأن كأين مثل كم، وأنت خبير إذا قلت : كم من عان فككته، فأفردت، راعيت لفظ كم ومعناها الجمع، وإذا قلت : كم من عان فككتهم، راعيت معنى كم لا لفظها. وليس معنى مراعاة اللفظ إلا أنك أفردت الضمير والمراد به الجمع، فلا فرق من حيث المعنى بين فككته وفككتهم، كذلك لا فرق بين قتلوا معهم ربيون، وقتل معه ربيون. البحر المحيط : ٣/ ٧٣.
٤ هو عطاء بن السائب أبو زيد الثقفي الكوفي، أحد الأعلام، أخذ القراءة عرضًا عن أبي عبد الرحمن السلمي، وأدرك عليًّا، روى عنه شعبة بن الحجاج وأبو بكر بن عياش وجعفر بن سليمان، مات سنة ١٣٠. طبقات القراء : ١/ ٤١٣.


الصفحة التالية
Icon