نُقل بالهمزة لا بالمثال، كقولك : طعِم خبزًا وأطعمته خبزًا، وعلِم الخبر وأعلمته إياه؛ أي : عرف وعرفتُه.
والصَّلَى : النار منه، وهو من الياء لقولهم : صلَيْتُه نارًا.
وليست الصلاة من الياء لقولهم في جمعها : صلوات. قال لنا أبو علي سنة سبع وأربعين : الصلاة من الصَّلَويْنِ١، قال : وذلك لأن أول ما يشاهد من أحوال الصلاة إنما هو تحريك الصَّلَويْنِ للركوع، فأما القيام فلا يخص الصلاة دون غيرها، وهو حسن.
ومن ذلك قراءة طلحة :"فالصَّوالِحُ قوانِتُ حوافِظُ للغيب"٢.
قال أبو الفتح : التكسير هنا أشبه لفظًا بالمعنى؛ وذلك أنه إنما يراد هنا معنى الكثرة، لا صالحات من الثلاث إلى العشر، ولفظ الكثرة أشبه بمعنى الكثرة من لفظ القلة بمعنى الكثرة، والألف والتاء موضوعتان للقلة، فهما على حد التثنية بمنزلة الزيدون من الواحد إذا كان على حد الزيدان. هذا موجب اللغة على أوضاعها، غير أنه قد جاء لفظ الصحة والمعنى الكثرة، كقوله تعالى :﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ﴾ إلى قوله تعالى :﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾٣، والغرض في جميعه الكثرة، لا ما هو لما بين الثلاثة إلى العشرة.
وكان أبو علي ينكر الحكاية المروية عن النابغة وقد عرض عليه حسان شعره، وأنه لما صار إلى قوله :
لَنا الجَفَناتُ الغُرُّ يَلمَعنَ بِالضُحا وَأَسيافُنا يَقطُرنَ مِن نَجدَةٍ دَما٤
قال له النابغة : لقد قللت جفانك وسيوفك.
قال أبو علي : هذا خبر مجهول لا أصل له؛ لأن الله تعالى يقول :﴿وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾٥، ولا يجوز أن تكون الغرف كلها التي في الجنة من الثلاث إلى العشر.
وعذر ذلك عندي أنه قد كثُر عنهم وقوع الواحد على معنى الجميع جنسًا، كقولنا : أَهْلَكَ الناسَ الدنيارُ والدرهم، وذهب الناسُ بالشاة والبعير. فلما كثر ذلك جاءوا في موضعه بلفظ الجمع الذي هو أدنى إلى الواحد أيضًا؛ أعني : الجمع بالواو والنون والألف والتاء. نعم، وعلم أيضًا أنه إذا
٢ قراءة الجماعة :﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ﴾. سورة النساء : ٣٤.
٣ سورة الأحزاب : ٣٥.
٤ يلمعن بالضحا : يريد بياض الشحم. وانظر : الكتاب : ١/ ١٨١، والخزانة : ٣/ ٤٣٠.
٥ سورة سبأ : ٣٧.