فمختلف فيها، فمذهب سيبويه أنها فَعُولة من مُنت الرجل أَمونه، وأصلها مَوُونة بلا همز، كما تقول في فَعول من القيام : قَوُوم، ومن النوم : نَوُوم، ثم تُهمز الواو استحسانًا للزوم الضمة لها؛ فتصير مئونة. وقال غيره : هي مَفْعُلة من الأَوْن؛ وهو الثِّقْل من قول رؤبة :
سِرًّا وقد أوَّن تأْوينَ العُقُق١
أي : ثقلت أجوافهن فصار كأن هناك أَونَين؛ أي : عِدْلين، فمئونة على هذا كمعونة، هذا من الأَوْن، وهذا من الْمَوْن، وأجاز الفراء أن تكون من الأَيْن - وهو التعب - من حيث كانت المئونة ثِقْلًا على ملتزها، فسلك الفراء في هذا مذهب أبي الحسن في قوله في مَفْعُلَة من البيع : مَبْوُعَة، وحجته في هذا ما سمع منهم في قول الشاعر :
وكنتُ إذا جارِي دَعَا لمضوفة أُشَمِّر حتى يَنْصُفَ الساقَ مئزري٢
وهي من الضيف. والكلام هنا يطول، وقد أشبعناه في كتابنا المنصف٣.
ومن ذلك ما يُروى في قول الله تعالى :﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾٤، وهو عشر قراءات :
﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ على فَعَل ونصب الطاغوت. "وعَبُدَ الطاغوتِ" بفتح العين، وضم الباء، وفتح الدال، وخفض الطاغوت، وهما في السبعة.
ابن عباس، وابن مسعود، وإبراهيم النخعي، والأعمش، وأبان بن تغلب، وعلي بن صالح، وشيبان :"وعُبُد الطاغوتِ"بضم العين والباء، وفتح الدال، وخفض الطاغوت.
وروى عكرمة عن ابن عباس :"وعُبَّدَ الطاغوتِ" "٥٠ظ" بضم العين، وفتح الباء وتشديدها، وفتح الدال، وخفض الطاغوت.
وَسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصًا رَبَّ الفَلَقْ
ويروى :"أون" على فعلن، يريد : الجماعة من الحمير. ويروى :"أون" على فعل. أون : شربن حتى انتفخت بطونهن، فصار كل حمار منهن كالأتان العقوق؛ وهي التي تكامل حملها وقرب ولادها. الديوان : ١٠٨، واللسان "عقق".
٢ البيت لأبي جندب الهذلي. المضوفة : الأمر يشفق منه ويخاف. ويروى مكانها :"مضيفة ومضافة". وانظر : المنصف : ١/ ٣٠١، وديوان الهذليين : ٣/ ٩٢، واللسان "ضيف".
٣ المنصف : ١/ ٢٩٧ وما بعدها.
٤ سورة المائدة : ٦٠.