فأما أهالٍ فكقولهم : ليالٍ؛ كأن واحدها أهلاة وليلاة، وقد مر بنا تصديقًا لقول سيبويه : فإن واحده في التقدير ليلاة - ما أنشده ابن الأعرابي من قوله :
في كل يوم ما وكل ليلاهْ حتى يقول من رآه إذ رآهْ
يا ويحه من جمل ما أَشقاهْ١
ومن ذهب إلى أن "أهالٍ" جمع أهلون فقد أساء المذهب؛ لأن هذا الجمع لم يأتِ فيه تكسير قط، قل الشنفرى :
ولي دونكم أهلون سِيد عملَّسٌ وأرقط زهلول وعرفاء جيئل٢
ونحو من ذلك أرض وأراضٍ، القول فيهما واحد، ويقال : أرض وأرَضُون وأَرْضون، بفتح الراء وتسكينها أيضًا. قال كعب بن معدان الأشقري :
لقد ضجت ا لأَرْضون إذ قام من بنى هَداد خطيبٌ فوق أعواد منبر٣
وحكى أبو زيد فيه : أَرَض، وقيل : آراض. وأسكن الياء من أهاليكم في موضع النصب تشبيهًا لها بالألف، وقد سبق مثل ذلك.
ومن ذلك قراءة سعيد بن جبير ومحمد بن السميفغ :"أو كإِسْوتِهِم"٤ من الإِسْوة.
قال٥ أبو الفتح : كأنه - والله أعلم - قال : أو كما يكفي مثلهم، فهو على حذف المضاف، أو ككفاية إسوتهم، وإن شئت جعلت الإسوة هي الكفاية ولم تحتج "٥١ظ" إلى حذف المضاف.
ومن ذلك قراءة أبي عبد الرحمن :"فجزاءٌ"٦ رفع منون، "مثلَ" بالنصب.
قال أبو الفتح :"مثلَ" منصوبة بنفس الجزاء؛ أي : فعليه أن يجزِي مِثْلَ ما قَتَلَ، "فمثلَ" إذن

١ روي :"حتى يقول كل راء إذا رآه". الخصائص : ١/ ٢٦٧، ٣/ ١٥١، وشواهد الشافية : ١٠٢.
٢ الخطاب لقومه، ودون بمعنى غير، السيد : يريد به الذئب، وهو خبر مبتدأ محذوف؛ أي : هم سيد، العملس : القوي على السير السريع، زهلول : أملس، وقيل : الخفيف، وهو أوصاف النمر، عرفاء : مؤنث الأعرف، يقال للضبع عرفاء لكثرة شعر رقبتها، جيئل : ضبع. ذيل الأمالي : ٢٠٨، والخزانة : ٣/ ٤١٠.
٣ هداد : حي من اليمن.
٤ سورة المائدة : ٨٩، وقراءة الجماعة ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾.
٥ سقط في ك من قوله :"قال أبو الفتح"، إلى قوله :"هي الكفاية".
٦ سورة المائدة : ٩٥، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف :"فجزاءٌ" بالتنوين والرفع، و"مثلُ" بالرفع صفة لجزاء، ووافقهم الأعمش والحسن، وقرأ الباقون برفع جزاء من غير تنوين وخفض لام مثل. إتحاف فضلاء البشر : ١٢٢.


الصفحة التالية
Icon