كذلك يُغشي "٦١ظ" الليل النهار؛ من حيث كانا متساويي الحالين في الغِشْيان، وعلى كل حال فكل واحد منهما غاشٍ لصاحبه.
ومن ذلك قراءة الحسن بخلاف وقتادة وأبي رجاء والجحدري وسهل بن شعيب١ :"نُشْرًا"٢ بضم النون وجزم الشين.
وقرأ :"بَشْرًا" - بفتح الباء ساكنة الشين - أبو عبد الرحمن بخلاف.
وقرأ :"بُشُرًا" - بالباء مضمومة منونين - ابن عباس والسلمي بخلاف وعاصم بخلاف.
وقرأ :"بُشْرى" - غير منونة على فُعْلَى - محمد بن السميفع وابن قطيب.
وقرأ :"نَشَرًا" - بفتح النون والشين - مسروق٣.
قال أبو الفتح : أما "نُشْرًا" فتخفيف "نُشُرًا"٤ في قراءة العامة، والنُّشُر جمع نَشُور؛ لأنها تَنْشُر السحاب وتستدرُّه، والتثقيل أفصح لأنه لغة الحجازيين، والتخفيف في نحو ذلك لتميم.
وأما "بُشُرًا" فجمع بشير؛ لأنه الريح تبشِّر بالسحاب.
وأما "بَشْرًا" فمصدر في موضع الحال، كقول الله تعالى :﴿ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا﴾٥ أي : ساعيات، فكذلك "بَشْرًا" أي : باشرات في معنى مبشرات، يقال : بَشَرتُ الرجل أبشُرُه بَشْرًا، فأنا باشر وهو مبشور، وأبشرته أُبْشِرُه، فأنا مُبْشِر وهو مُبْشَر. وبشَّرتُه تبشيرًا، فأنا مُبَشِّر وهو مُبَشَّر. وبَشِر بالأمر يَبْشَر به، فهو بَشِرٌ، كفرح به يفرح فرحًا، وهو فَرِح، وأبشر هو أيضًا يُبْشِرُ إبشارًا، ومنه المثل السائر :
أبشر بما سرك عيني تختلج٦

١ هو سهيل بن شعيب الكوفي، عرض على عاصم بن أبي النجود وعلي أبي بكر بن عياش، وروى القراءة عنه عبد الله بن حرملة بن عمرو.
٢ سورة الأعراف : ٥٧.
٣ هو مسروق بن الأجدع بن مالك أبو عائشة، ويقال : أبو هشام الهمداني الكوفي. أخذ القراءة عرضًا عن عبد الله بن مسعود، وروى عن أبي بكر وعمر وعلي وغيرهم. وروى القراءة عنه عرضًا يحيى بن وثاب. توفي سنة ٦٣. طبقات القراء : ٢/ ٢٩٤.
٤ هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وأبي جعفر ويعقوب، ووافقهم ابن محيصن واليزيدي، كما في الإتحاف : ١٣٦.
٥ سورة البقرة : ٢٦٠.
٦ انظر : أساس البلاغة "خلج".


الصفحة التالية
Icon