هذا أَحد وأَحَدة، أفلا ترى إلى إحدى - وهي فِعْلَى وأصلها وِحْدى - كيف عاقبت في المذكر فعلًا، وهو أحد وأصله وَحَد؟
فأما إحدى وعشرون إلى التسعين فإنه لما سبق التحريف إليها في إحدى عشرة ثبت فيها فيما بعد.
ومن ذلك ما رواه قتادة عن الحسن :"وقولوا حِطَّةً"١ بالنصب.
قال أبو الفتح : هذا منصوب عندنا على المصدر بفعل مقدر؛ أي : احْطُطْ عنا ذنوبنا حِطَّةً.
قال :
واحطُط إلهي بفضلٍ منك أوزاري
ولا يكون "حطة" منصوبًا بنفس قولوا؛ لأن قلت وبابها لا ينصب المفرد إلا أن يكون ترجمة الجملة، وذلك كأن يقول إنسان :" لا إله إلا الله، فتقول أنت قلت : حقًّا؛ لأن قوله : لا إله إلا الله حق، ولا تقول : قلت زيدًا ولا عمرًا، ولا قلت قيامًا ولا قعودًا، على أن تنصب هذين المصدرين بنفس قلت لما ذكرته.
ومن ذلك قراءة شهر بن حوشب٢ وأبي نهيك٣ :"يَعَدُّونَ فِي السَّبْت"٤.
قال أبو الفتح : أراد يعتدون، فأسكن التاء ليدغمها في الدال، ونقل فتحتها إلى العين، فصار يعَدُّون، وقد مضى مثله في يَخَصِّف٥.
ومن ذلك قراءة أبي جعفر وشيبة وأبي عبد الرحمن والحسن واختلف عن نافع :"بعَذابٍ بِيسٍ"٦ فعل بلا همز، و"بِئْسٍ" وهي قراء السلمي بخلاف، ويحيى وعاصم بخلاف،

١ سورة الأعراف : ١٦١.
٢ هو شهر بن حوشب أبو سعيد الأشعري الشامي ثم البصري، تابعي مشهور. عرض عليه أبو نهيك علباء بن أحمر، ومات سنة ١٠٠، وقيل غير ذلك. طبقات القراء : ١/ ٣٢٩.
٣ هو علباء بن أحمر أبو نهيك اليشكري الخراساني، له حروف من الشواذ تنسب إليه، وقد وثقوه، عرض على شهر بن حوشب وعكرمة مولى ابن عباس. وروى عنه داود بن أبي الفرات وغيره، وروى عنه حروفه أبو المهلب العتكي، وقد خرج مسلم حديثه. طبقات القراء : ١/ ٥١٥.
٤ سورة الأعراف : ١٦٣، وقراءة الجماعة :﴿يَعْدُونَ﴾ بفتح الياء وسكون العين.
٥ انظر الصفحة : ٢٤٥، والآية "يَخْصِفَانِ"، وهذه قراءة الحسن فيما روى عنه محبوب، ورُويت عن ابن أبي بردة ويعقوب. البحر المحيط : ٤/ ٢٨٠.
٦ سورة الأعراف : ١٦٥.


الصفحة التالية
Icon