ومن ذلك قراءة ابن مسعود١ :"وَإِنْ خِفْتُمْ عَائلةً"٢.
قال أبو الفتح : هذا من المصادر التي جاءت على فاعلة كالعاقبة والعافية. وذهب الخليل في قولهم : ما باليت بالة، أنها في الأصل بالية كالعاقبة والعافية، فحذفت لامها تخفيفًا. ومنه قوله سبحانه :﴿لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً﴾٣ أي : لغوًا. ومنه قولهم : مررت به خاصة؛ أي : خصوصًا. وأما قوله تعالى :﴿وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ﴾٤ فيجوز فيه أن يكون مصدرًا؛ أي : خيانة منهم، ويجوز أن يكون على أن معناه على نية خائنة أو عقيدة خائنة. وكذلك أيضًا يجوز أن يكون : لا تسمع فيها كلمة لاغية. وكذلك الآخر على : إن خفتم حالًا عائلة، فالمصدر هنا أعذب وأعلى.
ومن ذلك قراءة جعفر بن محمد والزهري٥ والعلاء بن سَيَّابه والأشهب :"إنما النَّسْي"٦ مخففًا في وزن الْهَدْي بغير همز. قال أبو الفتح : تحتمل هذه القراءة ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون أراد النَّسْء على ما يُحكى عن ابن كثير بخلاف أنه قرأ به، ثم أُبدلت الهمزة ياء، كما أُبدلت منها فيما رويناه من قول الشاعر :
أَهبَى التراب فوقه إهبايا٧
٢ سورة التوبة : ٢٨.
٣ سورة الغاشية : ١١.
٤ سورة المائدة : ١٣.
٥ هو محمد بن مسلم بن عبيد الله أبو بكر الزهري المدني أحد الأئمة الكبار. تابعي قرأ على أنس بن مالك، وروى عن عبد الله بن عمرو وغيره، وروى عنه الحروف عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي، وعرض عليه نافع بن أبي نعيم، توفي سنة ٢٤، وقيل غير ذلك. طبقات القراء : ٢/ ٢٦٢.
٦ سورة التوبة : ٣٧.
٧ أهبى الفرس التراب : أثاره. انظر : الخصائص : ٢/ ٣٤٨، والمنصف : ٢/ ١٥٦، واللسان : هبا.