على المعنى الواحد فقالوا : أَوان وإِوان، ودَواء ودِواء، وحَصاد وحِصاد، وجَزَاز١ وجِزَاز، وجَرَام٢ وجِرَام.
وقد يجوز أن يكون إِسَاس جمع أُسّ كبُرد وبِرَاد، وقد يجوز أن يكون حمع أَس كفَرخ وفراخ، وأما أُسُس فجع أساس كقُذُل وقَذَال٣. قال كَذَّاب بني الحِرْماز :
وأُس مجد ثابتٌ وطيد نال السماءَ فرعُه المديد٤
ومن ذلك ما حكاه ابن سلام قال : قال سيبويه : كان عيسى بن عمر يقرأ :"على تقوًى من الله"٥، قلت : على أي شيء نوَّن؟ قال : لا أدري ولا أعرفه، قلت : فهل نوَّن أحد غيره؟ قال : لا.
قال أبو الفتح : أخبرنا بهذه الحكاية أبو بكر جعفر بن علي بن الحجاج عن أبي خليفة الفضل بن الْحُبَاب عن محمد بن سلام. فأما التنوين فإنه وإن كان غير مسموع إلا في هذه القراءة فإن قياسه أن تكون ألفه للإلحاق لا للتأنيث، كتَتْرًى٦ فيمن نون٧ وجعلها ملحقة بجعفر.
وكان الأشبه بقدر سيبويه ألا يقف في قياس ذلك، وألا يقول : لا أدري، ولولا أن هذه الحكاية رواها ابن مجاهد ورويناها عن شيخنا أبي بكر لتوقفت فيها. فأما أن يقول سيبويه : لم يقرأ بها أحد فجائز؛ يعني : فيما سمعه؛ لكن لا عذر له في أن يقول : لا أدري؛ لأن قياس ذلك أخف وأسهل على ما شرحنا من كون ألفه للإلحاق.
ومن ذلك قراءة الجماعة :﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ﴾٨، وفي قراءة أُبي وعبد الله بن مسعود، ويُروى أيضًا عن الأعمش :"التائبين العابدين".
٢ الجرام : القطع.
٣ القذال : جماع مؤخَّر الرأس، ومعقد العذار من الفرس خلف الناصية.
٤ رُوي :"مديد" مكان "المديد". وانظر : اللسان "أس".
٥ سورة التوبة : ١٠٩.
٦ من قوله تعالى :﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا﴾ في سورة المؤمنون : ٤٤.
٧ قرأ بالتنوين ابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر. إتحاف فضلاء البشر : ١٩٥.
٨ سورة التوبة : ١١٢.