بحجته"١؛ أي : أنهض بها وأحسن تصرفًا فيها. وليس من اللحن الذي هو إفساد الإعراب، ذلك حديث غير هذا، وقد تقصيت هذا المذهب في الخصائص، فليُطلب هناك٢.
ومن ذلك ما رواه عيسى بن ميمون عن الحسن أنه قرأ :"وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عُشًا يَبْكُونَ"٣، قال : عُشْوًا من البكاء.
قال أبو الفتح : طريق ذلك أنه أراد جمع عَاشٍ، وكان قياسه عُشاةً كماشٍ ومُشاة، إلا أنه حذف الهاء تخفيفًا وهو يريدها، كقوله :
أبلغ النعمان عني مأْلُكًا أنه قد طال حبسي وانْتِظَارْ٤
أراد : مأْلُكَة، فحذف الهاء. وقد تقصينا ذلك في أماكن من كتبنا، وفيه بعد هذا ضعف؛ لأن قَدْرَ ما بَكَوْا في ذلك اليوم لا يعشو منه الإنسان.
ويجوز أن يكون جمع عِشْوة : أي ظلامًا، وجمَعه لتفرِّق أجزائه كقولهم : مُغَيْربانَات٥ وأُصَيْلَال٦، ونحو ذلك.
ومن ذلك قراءة الحسن أيضًا :" "بِدَمٍ كَدِبٍ"٧ بالدال.
قال أبو الفتح : أصل هذا من الكَدَب؛ وهو الفُوفُ؛ يعني : البياض الذي يخرج على أظفار الأحداث "٨٠ظ" فكأنه دم قد أثَّر في قميصه فلحقته أعراض كالنقش عليه. وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بهذه القراءة أيضًا.
٢ أورد في الخصائص ١/ ٥ - ٣٣ ضروبًا من وصف الكلام بأوصافه المستحبة.
٣ سورة يوسف : ١٦.
٤ لعدي بن زيد. وانظر : المنصف : ٢/ ١٠٤.
٥ مغربان الشمس : حيث تغرب، ولقيته مغيربانها ومغيرباناتها : عند غروبها.
٦ أصيلان : مصغر أصلان كرغفان، وأصلان : جمع أصيل، ويصغر أيضًا على أصيلان بالنون.
٧ سورة يوسف : ١٨.