ومن ذلك :"حاشَا اللهِ"١ ابن مسعود وأبي بن كعب. وقرأ :"حاش الإِلَهِ" الحسن. وقرأ :"حَاشْ للهِ" جَزْم الحسن بخلاف.
قال أبو الفتح : أما "حاشا الله " فعلى أصل اللفظة، وهي حرف جر، قال :
حاشا أبي ثوبان إنَّ به ضِنًّا على الْمَلْحَاةِ والشَّتْمِ٢
وأما "حاش الإله" فمحذوف من حاشا تخفيفًا٣، وهو كقولك : حاشا الرب وحاشا المعبود، وليس "الإله" هكذا بالهمز هو الاسم العلم؛ إنما ذلك الله - كما ترى - المحذوف الهمزة، على هذا استعملوه علَمًا وإن كان لعمري أصله الإله مكان الله، فإنه كاستعمالهم في مكانه المعبود والرب.
ومنه قوله :
لعنَ الإلهُ وزوجَها معها هند الهنود طويلة الفَعل٤
وأما "حاشْ لله" بسكون الشين، فضعيف من موضعين :
أحدهما : التقاء الساكنين : الألف، والشين، وليست الشين مذعمة.
والآخر : إسكان الشين بعد حذف الألف، ولا موجب لذلك؛ وطريقه في الحذف أنه لما حذف الألف تخفيفًا أتبع ذلك حذف الفتحة إذ كانت كالعَرَض اللاحق مع الألف؛ فصارت كالتكرير في الراء، والتفشي في الشين، والصفير في الصاد والسين والزاي، والإطباق في الصاد والضاد والطاء والظاء، ونحو ذلك. فمتى حَذفت حرفًا من هذه الحروف ذهب معه

١ سورة يوسف : ٥١، وفي تفسير البحر ٥/ ٣٠٣ :"حاشا الله بالإضافة".
٢ للجميع. ويروي :"أبا" مكان "أبي"، والبيت من بيتين صدر أحدهما إلى عجز الآخر، وهما :
حاشا أبي ثوبان إن أبا ثوبان ليس ببُكمة فَدْم
عمرو بن عبد الله إن به ضنا عن الملحاة والشتم
وأراد بالبكمة : الأبكم، والفدم : العيي عن الكلام في ثقل وقلة فَهْم، والضن بالكسر : مصدر ضن. المفضليات : ٣٦٧، والأصمعيات : ٢٥٤، والخزانة : ٢/ ١٥٠.
٣ في تفسير البحر ٥/ ٣٠٣ : وهذا الذي قاله ابن عطية وصاحب اللوامح من أن الألف في "حاشا" في قراءة الحسن محذوفة لا تتعين إلا أن نقل عنه أنه يقف في هذه القراءة بسكون الشين، فإن لم ينقل عنه في ذلك شيء فاحتمل أن تكون الألف حذفت لالتقاء الساكنين.
٤ الفعل : كناية عن حياء الأنثى. انظر : الجمهرة : ٣/ ١٢٧.


الصفحة التالية
Icon