أي : وحق العمر الذي وهبه الله لي. وكذلك من رُوح الله : أي من الروح الذي هو من عند الله وبِلُطفه ونعمته.
ومن ذلك قراءة أُبي :"أَئِنَّك أَوْ أَنْتَ يُوسُفُ"١.
قال أبو الفتح : ينبغي أن يكون هذا على حذف خبر إن، حتى كأنه قال : أئنك لغير يوسف، أو أنت يوسف؟ فكأنه قال : بل أنت يوسف، فلما خرج مخرج التوقف قال : أنا يوسف، وقد جاء عنهم حذف خبر إن، قال الأعشى :
إنَّ مَحَلًّا وإِنَّ مُرْتَحَلَا وإنَّ في السَّفْر إذ مضى مَهَلَا٢
أراد : إن لنا محلًّا، وإن لنا مرتحلًا، فحذف الخبر. والكوفيون لا يجيزون حذف خبر إن إلا إذا كان اسمها نكرة؛ ولهذا وجه حسن عندنا وإن كان أصحابنا يجيزونه مع المعرفة.
ومن ذلك قراءة عمر بن ذر، وكان يقرأ قراءة ابن مسعود :"قَدْ أَتَيْتَنِ مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِ"٣.
قال أبو الفتح : أراد الياء فيهما جميعًا، فحذفها تخفيفًا ولطول الاسم، كقول الأعشى :"٨٤و"
فهل يَمعنِّي ارتياد البلا دِ من حذر الموت أن يَأْتِينْ٤
وهو كثير، وقد مضى مثله.
ومن ذلك قراءة عكرمة وعمرو بن فائد :"والأرضُ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا"٥ بالرفع، وقرأ :"الأرضَ" نصبًا السدي، قراءة الناس :﴿والْأَرْضِ﴾.
قال أبو الفتح : الوقف فيمن رفع أو نصب على السماوات، ثم تبتدئ فتقول :"والأرضُ، والأرضَ"؛ فأما الرفع الابتداء، والجملة بعدها خبر عنها، والعائد منها على الأرض "ها" من عليها، و"ها" من عنها عائدة على الآية. وأما من نصب فقال :"والأرضَ يمرون عليها" فبفعل مضمر؛ أي : يطئون الأرض، أو يدوسون الأرض، ونحو ذلك.

١ سورة يوسف : ٩٠.
٢ يروى :"مضوا" مكان "مضى" من قصيدة في مدح سلامة ذي فائش. الديوان : ٢٣٣، والكتاب : ١/ ٢٨٤، والخصائص : ٢/ ٣٧٣، والخزانة : ٤/ ٣٨١.
٣ سورة يوسف : ١٠١.
٤ يروى :"ارتيادي" مكان "ارتياد". الديوان : ١٥، والكتاب : ٢/ ١٥١، ٢٩٠.
٥ سورة يوسف : ١٠٥.


الصفحة التالية
Icon