وجارات.
وإذا جاز إسكان العين الصحيحة، نحو : تَمْرات وشَعْرات؛ صار المعتل أحرى بالضمة. نعم، وربما جاء الفتح في العين إذا كانت واوًا أو ياء كما قال الهذلي :
أبو بَيَضَات رائحٌ متأَوِّبٌ رفيقٌ بمسع الْمَنْكِبَيْنِ سَبُوحُ١
وعذره في ذلك : أن هذه الحركة إنما وجبت في الجمع، وقد سبق العلم بكونها في الواحد ساكنة، فصارت الحركة في الجمع "٩ظ" عارضة فلم تُحفل، وفي هذا بعد هذا ضعف، ألا ترى أن هذه الألف والتاء تبنى الكلمة عليهما، وليستا في حكم المنفصل؟ يدلك على ذلك صحة الواو في خُطُوات وكُسُوات، ولو كانت الألف والتاء في ذلك في حكم المنفصل لوجب إعلال الواو؛ لأنها لام وقبلها ضمة، كما أنك لو بنيت فُعُلَة على التذكير من غزوت لأعللت اللام فقلت : غُزُية، حتى كأنك نطقت بفُعِل منه فقلت : غُزٍ.
ولو بنيتها على التأنيث لصحت اللام فقلت : غُزُوَة، فعليه قلت : خُطُوات؛ لأنه مبني على التأنيث، ولو كان على التذكير قلت : خُطِيات، كما قلت : غُزٍ في فُعُل من الغزو.
قال أبو علي : يدلك على أن الكلمة مبنية على الألف والتاء اطِّراد إتباع الكسر للكسر في سِدِرات وكِسِرات مع عزة فِعِل في الواحد، وإنما حكى سيبويه منه : إبل لا غير، وهو كما ذَكر٢، إلا أن مما يؤنس بكون حركة العين غير ملازمة ما رويناه عن قطرب فيما حكاه عن يونس من قوله في جِرْوة : إذا قلت جِرِوات فصحة الواو وهي لام بعد الكسرة تدلك على قلة الاعتداد بها، وعلى ذلك أن يقال : إن هذا شاذ، يدل على شذوذه امتناعهم أن يحركوا عين كُلْية ومُدْية، وأن يقولوا : كُلُيات ومُدُيات؛ لما كان يعقب ذلك من وجوب قلب الياء إلى الواو، فدلنا ذلك على أن نحو جِرِوات شاذ.
وبإزاء هذا أن يقال : هلا قلبوا فقالوا : كُلُوات ومُدُوَات، كما أنهم لو بنوا مثل فُعُلة من قضيت ورميت على التأنيث قلبوا فقالوا : رُمُوَة وقُضُوَة، فهذه أشياء تراها متكافئة أو كذلك، وعلى كل حال فالاختيار خُطْوات بالإسكان، ألا ترى أن الألف والتاء وإن بني الاسم عليهما فإن الجمع على كل حال خارج من الواحد الذي هو الأصل، فمعنى الفرعية موجود في الجمع

١ البيت في وصف ذكر النعام، ولم أعثر عليه في ديوان الهذليين. الخصائص : ٣/ ١٨٤، والمنصف : ١/ ٣٤٣، والخزانة : ٣/ ٤٢٩.
٢ سبق في الصفحة : ٣٧ أن ذكر "الإطل" مع "الإبل"، وزاد عليهما في شرح الشافية ١/ ٤٦ خمسة أخرى.


الصفحة التالية
Icon