ومن ذلك قراءة الحسن بخلاف ومجاهد وطلحة بن مصرِّف١ وعيسى الهمداني٢ :"وُقُودُهَا النَّاسُ"٣.
قال أبو الفتح : هذا عندنا على حذف المضاف؛ أي : ذو وُقودِها، أو أصحاب وقودها الناس؛ وذلك أن الوُقود بالضم هو المصدر، والمصدر ليس بالناس؛ لكن قد جاء عنهم الوَقود بالفتح في المصدر؛ لقولهم : وَقَدَت النارُ وَقودًا، ومثله : أُولِعْتُ به وَلُوعًا، وهو حسن القبول منك، كله شاذ، والباب هو الضم.
وكان أبو بكر يقول في قولهم : توضأت وَضوءًا : إن هذا المفتوح ليس مصدرًا؛ وإنما هو صفة مصدر محذوف، قال : وتقديره : توضأت وُضوءًا وَضُوءًا؛ لقولك : توضأت وُضوءًا حسنًا؛ لأن الوَضوء عنده صفة من الوضاءة.
وقرأت على أبي علي في نوادر أبي زيد : رجل ساكوت بَيِّن الساكوتة، فقال : قياس مذهب أبي بكر في الوَضوء أن يكون هذا على أنه أراد رجل ساكوت بَيِّن السكتة الساكوتة.
وعليه قولهم فيما حكاه الأصمعي : رجل بَيِّنُ الضارورة؛ أي : بين الضَّرة، أو المضرة الضارورة.
وأما قولهم : لص بين اللَّصوصية، وحُرٌّ بين الحروية، وخصصته بالشيء خَصوصِيَّة، فإن شئت قلت : هو على مذهب أبي بكر لص بين اللَّصة اللَّصوصية، والْخَصَّة الْخَصوصية، والْحُرِّية الْحَرورية.
وإن شئت قلت غير هذا؛ وذلك أن ما لا يجيء من الأمثلة بنفسه قد يجيء إذا اتصلت ياء الإضافة به، وذلك كقول الأعشى :
وما أَيْبُلِيٌّ على هيكل بناه وصلَّب فيه وصارا٤
٢ هو عيسى بن عمر الهمداني الكوفي القارئ الأعمى، مقرئ الكوفة بعد حمزة، عرض عليه الكسائي، مات سنة ١٥٦، وقيل : سنة ١٥٠. طبقات القراء لابن الجزري : ١/ ٦١٢.
٣ سورة البقرة : ٢٤.
٤ بعده :
يرواح من صلوات المليـ ـك طورًا سجودًا وطورًا جؤارا
بأعظم منه تقى في الحساب إذا النسمات نفضن الغبارا
أيبلي : صاحب أيبل؛ وهي العصا التي يدق بها الناقوس، صلب : صور الصليب، صار : سكن. الديوان : ٥٣.