وقال هارون الأعور عن بعض العرب : تقول الشِّجرة، وقال ابن أبي إسحاق : لغة بني سُليم الشِّجرة.
قال أبو الفتح : حكى أبو الفضل الرياشي قال : كنا عند أبي زيد وعندنا أعرابي فقلت له : إنه يقول الشِّيَرَة، فسأله فقالها، فقالت له : سله عن تصغيرها، فسأله فقال : شُيَيْرَة.
وأنشد الأصمعي لبعض الرجاز في أرجوزة طويلة :
تحسبه بين الإكام شِيَرة١
وإذا كانت الياء فاشية في هذا الحرف - كما ترى - فيجب أن تجعل أصلًا يساوق الجيم، ولا تُجعل بدلًا من الجيم، كما تجعل الجيم بدلًا من الياء في قولهم : رجل فُقَيْمِج٢؛ أي : فُقَيْمِي، وعَربَانِج؛ أي : عَرَبَانِيّ٣، وقوله :
حتى إذا ما أمسجت وأمسجا٤
يريد أمست وأمسى. قال أبو علي : هذا يدلك على أن ما حذف لالتقاء الساكنين في حكم الحاضر الملفوظ به. قال : ألا ترى أنه أبدل من لام أمسيت بعد أن قدرها ملفوظًا بها، ولو كان الحذف ثابتًا هنا لما جاز أن يبدل من اللام شيء؛ لأن البدل إنما هو من ملفوظ به، كما أن البدل ملفوظ به.
قال : وليست كذلك لام عَشِيَّة إذا حقرتها فقلت : عُشيَّة؛ لأن الياء الثانية من عُشَيِّية لم تحذف لالتقاء الساكنين؛ لأنه لا ساكنين هناك، وإنما حذفت حذفًا للتخفيف؛ فلذلك سقط
تَحسِبَه بين الأنام شِيرَة
والإكام : جمع أكمة؛ وهي الموضع يكون أشد ارتفاعًا مما حوله، وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرًا.
٢ في سر الصناعة ١/ ١٩٢ :"وقال أبو عمرو بن العلاء : قلت لرجل من بني حنظلة : من أنت؟ فقال : فقيمج. قال : قلت : من أيهم؟ قال : مرج؛ يريد : فقيمي ومري".
وفي القاموس المحيط :"والنسبة إلى فقيم كنانة فقمي كعرني، وهم نسأة الشهور في الجاهلية، وإلى فقيم دارم فقيمي.
٣ عرباني : فصيح، قال في اللسان :"وتقول : رجل عربي اللسان إذا كان فصيحًا، وقال الليث : يجوز أن يقال : رجل عرباني اللسان".
٤ يُعزى للعجاج، ولم أجده في ديوانه و"ما" ساقطة في الأصل. يريد أمست الأتن وأمسى العير، وقيل : أراد أمست النعامة وأمسى الظليم، والله أعلم. سر الصناعة : ١/ ١٩٤، وشرح شواهد الشافية : ٤٨٦.