أي : الْخَفْق. ومنه قول زهير :
ثم استمروا وقالوا إن مشرَبكم ماء بشرقي سلمى فَيْدُ أو رَكَكُ١
قال أبو عثمان : قال الأصمعي : سألت أعرابيًّا - ونحن في الموضع الذي ذكره زهير - يعني هذا البيت؛ فقلت له : هل تعرف رككًا؟ فقال : قد كان هاهنا ماء يسمى رَكًّا.
قال الأصمعي : فعلمت أن زهيرًا احتاج إليه فحركه، فعدل عن الفتح٢؛ لئلا يُعرف بأثر الضرورة، فعدله إلى موضع آخر فكسر الميم، فكأنه راجَع بذلك أصلًا حتى كأنه كان خمِسون ثم أسكن تخفيفًا، فلما اضطر إلى الحركة كسر، فكان بذلك كمراجع أصلًا لا مستَكرَهًا على أن يُرى مضطرًّا.
وأنَّسه أيضًا بذلك : ما جاء عنهم من قولهم : إحدى عشْرة وعشِرة، فصار خَمِس من خَمِسون بمنزلة عَشِرة، وصار خَمْسون بمنزلة عَشْر.
ومن ذلك قراءة يحيى بن وثاب٣ والأشهب :"وَقُثَّائِهَا"٤.
قال أبو الفتح : بالضم في القُثاء حسن الطريقة؛ وذلك أنه من النوابت، وقد كثر عنهم في هذه النوابت الفُعَّال كالزُّبَّاد٥ والقُلَّام٦ والعُلَّام٧ والثُّقاء٨، ومن هاهنا كان أبو الحسن يقول في رمان : أنه فُعَّال؛ لأنه من النبات، وقد كثر فيه الفعال على ما مضى، وأما قياس مذهب سيبيويه : فأن يكون فُعلان بزيادة النون؛ لغلبة زيادة النون في هذه المواضع بعد الألف.
وله أيضًا وجه من القياس : أنه من معنى رَمَتْتُ الشيء : غذا جمعت أجزاءَه، وهذه حال الرمان، وقد جاء بهذا الموضع نفسه بعض المولدين فقال :
ما يُحسِن الرُّمان يجمع نفسه في قِشِره إلا كما نحن
٢ يريد فتح ميم "خمسون" من بيت النوادر في الصفحة السابقة عاد إليه هنا ليتمه.
٣ كذا في ك، وفي الأصل يحيى بن عيسى الثقفي، وفي موضع في هامشه :"المعروف في هذا عيسى بن عمر الثقفي"، وفي موضع آخر منه :"والصواب يحيى بن وثاب، وكذا وقع في المحتوى لأبي عمرو، وفي التحصيل للمهدوي"، وكلمة أخرى لم نتبينها. وفي البحر ١/ ٢٢٣ :"وقرأ يحيى بن وثاب وطلحة بن مصرف وغيرهما "وقُثائها" بضم القاف، وقد تقدم أنها لغة".
٤ سورة البقرة : ٦١.
٥ الزباد : نبت.
٦ القلام : ضرب من الحمض، وفي نسختي الأصل : الفلام بالفاء، وهو تحريف.
٧ العلام : الحناء.
٨ الثفاء : الخردل.